الالتفاف حول الصفر المئوي 97%…
فاضل الخطيب
أنا الدولة .. الدولة أنا .. أنا الحلّ .. الحلّ أنا –هنا .. نصف العراق وغزة وكل لبناننا في جيبنا..!
خلال تلقفنا المعلومات هل ننتبه يا تُرى لما نراه كل يومٍ أمامنا؟ من الفطور إلى السحور، أو بين السحور والفطور؟ قتل، رجم، اغتصاب، تفجير، وحشية، انتحار، اختفاء، اختطاف، اعتقال، استخفاف بالعقل، فساد، نفاق… نتابعها في التلفزيون والراديو –إذا فيه كهرباء- وبدون انتباه يستحق للجثث وتصنيفها بين الشهداء والضحايا أو القتلى، نتابعها ونحن نتناول اللقم الشهية في طقوسٍ وبدون اكتراث لمآسي الآخرين! جعَلَنا الهواة وعشّاق “الفن” الاصطناعي فقط شهود جرائم بشعة وقهر “جميل”! وطبعاً نحن لا نتردد كثيراً في قبول هذا الدور. لم أقرأ أو أسمع ولا مرة واحدة في تقرير صحفي أو تلفزيوني عن جريمة جميلة، بل كلها بشعة!
قد تكون السعادة ليست نتيجة الأحداث الكبيرة، وإنما من الجزئيات التي تحيط بنا، والتي يمكن صنع قلادة من مجموع “سعاداتها”الصغيرة، مثلاً عند فتح الإشارة الضوئية على الأخضر لحظة الوصول. أو التخلص من بعض الإزعاجات، مثلاً عندما تحِكّ الرقبة تلك القطعة القماشية الصغيرة المثبتة على القميص من الداخل والتي تحمل قياسه وطريقة غسله. قد لا يحتاج البعض سعادة أكثر، أو لا يحتاج سعادة بالمرة لأنه يتأقلم حول الصفر المئوي بسعادة! ويُعتبر “مزاج” الشام مجازي سوريالي يحتضن 97% من أهلها، لأن حَرّ الشام برداً وسلاماً، وعلى الدنيا السلام. مثلاً:
+ 10 درجة مئوية: الساركوزيون مازالوا يحاولون تعطيل شبكة التدفئة بين الوريث والملالي. النرويجيون يزرعون الورود في الحدائق. وأهل الشام يقومون بجمع بقايا الحطب من بقايا الغوطة بعد جولات على محلات ثياب البالة تحضيراً للبرد ولاحتفالات الحركة التصحيحية غير البالية. طلاب جامعة دمشق يحرقون علمٍ أمريكي جديد تضامناً مع حماس وضد عباس. وصول دفعة جديدة من الجداريات الإيرانية المقاومة للبرد والحرارة إلى بئر حسن في الضاحية والتأكيد على أهمية “البير وغطاه” خصوصاً إذا كان بير حسن!.
+ 5 درجة مئوية: سكان الشام يسيرون بشحاطات البلاستيك وبدون جوارب. استنفار صواريخ حماس بعد تصحيح فتيلة الإشعال التي لم تكن توّلع بالبرد رغم البسملة. الشيخ البوطي يؤكد رؤيته من جديد للشهداء حافظ الأسد وابنه الفارس باسل في الجنة بين ربه وربهما. وأكدّ الشيخ الجليل على مقتل يوسف العظمة في حادث سيارة. القذافي يُوهب تشافيز كتاب “طز في أمريكا” مع حقوق التأليف، ويغزو روما بدون فيلة هانيبال.
0 درجة مئوية: تجمد المياه في خزانات تبريد السيارات المصنعة في الصومال. وعلامات التجمد تظهر على سطح فروع بردى السبعة، وقرار من القصر بتعليق السباحة بالثياب في السبع بحرات حتى حلول الربيع في 8 آذار. القبيسة أم أنس تُدشن مسبح الزبلاطاني الحريمي نيابة عن أم سليمان. رفع جدارية صِفرية في منطقة الأصفر قرب حدود العراق المُحرر يتغير لونها مع الحرارة. البائس محمد اللاّ أمين والذي لا يفوّت صلاة جمعة يرفع عدد ركعاته وابتهالاته تبييضاً لأموال النصب (الذنوب) وبتسعيرة “+ ركعة = ــ ألف دولار/أسبوع”!.
– 5 درجة مئوية: مختار الضاحية الجنوبية يرحب بالمباراة مع الضاحية الشمالية في كرنفال أم حيدر. أهل فينلاندا يُنظّمون آخر حفلة في الخلاء ويقومون بشوي اللحم على مناقل الفحم. ومواطني الشام يُطلقون مسيرة دعماً للمقاومة قبل بدء السبات الشتوي، استبدال المتي بالبهار المغلي في السويداء وازدهار تجارة البَقسَما الممسكة المعطرة بعد هطول ثلوج بيضاء. تقوم المؤسسة العامة للخضار بتخسيس سعر الخيار حتى يصبح بسعر الخس.
– 10 درجة مئوية: الإنكليز يقومون بتشغيل التدفئة في البيوت. النرويجيون مازالوا يسيرون بقميص نصف كم. سكان الشام لا يشعرون بأي تغيير حراري بسبب قدرة أجسامهم الممانعة. الاحتفال بتسمية عين التينة في مجدل شمس بالجولان باسم عين أحمد سعيد والذي نكرز إسرائيل كثيراً، وأكدّ مسئول على أهمية دور مسئول آخر يقوم برعاية صورة الصغير وتمسيحها من سلح العصافير، مما يُنكرز عظام ناقصة العقل غولدا مائير. تعليق النشاطات السعيدية بعد تعلّق الهتافات الكبيرة بين “قَدَويح” الشريط الشائك الصغيرة ذات النوعية المقاومة الكبيرة.
– 20 درجة مئوية: بداية الخريف في فينلاندا. سكان موسكو يغطسون عراة في نهر موسكو. وآية الله الوسطى يدعو لصلاة الاستدفاء. في السعودية يجمعون نوى التمر ويحرقوها في مجمّع نووي. تبدأ بعض الأُسر الشامية بالبحث عن مازوت التدفئة. نزول ابتهالات جديدة إلى السوق وبأسعار تشجيعية تساعد على الدفء. مساعدة خيرية من دولة آية الله النووي الكبرى لتوزيعها على بعض الأسر الكبرى التي كانت قد استقبلت المساعدات التخصيبية والتي لاقت استحساناً حيث صارت سوريا أحسن دولة في نسبة زيادة السكان.
– 30 درجة مئوية: نصف سكان اتلانتيس يموتون من البرد والتجمد. وسكان ريف لينينغراد (بطرسبورغ سابقاً ولاحقاً) يبدأون غسيل الثياب في داخل المنازل. بالمقابل استمرار عمل جهاز مناعة سكان الشام بشكل رائع، وبدء تشغيل صوبيات التدفئة لأكثر من ساعتين يومياً بدون انقطاع. دورات علمية جديدة بأسعار مدعومة من الدولة، “تعلّم الضحك على الله بدون عقاب”، “ابتهال تبييض السرقة”، “شعرة من طرف الخنزير حسنة، أحسنوا تصحوّا”، “الجهاد الحضاري الديمقراطي”. “أنا هو الحلّ”!.
– 40 درجة مئوية: تتفجر شوارع باريس من شدة البرد. بينما العقيد القذافي يشرح للشعب الليبي جذور الشيخ زبير (شكسبير) ومعنى ديموكراسيا، ويُفصح عن أبحاثه حول أصول فولتير وبرلسكوني المسلمة. أهل الشام تتابع التلفزيون الليبي بتهكم واستغراب عن درجة جهل وخنوع الليبيين وعدم قيامهم بحركة تصحيحية. رفع فترة التدفئة إلى ثلاث ساعات مازوتية ثمينة في اليوم الواحد إضافة لثلاث ساعات أخرى للمياه قوة وسط حتى الطابق الثالث.
– 50 درجة مئوية: إغاثة الدببة القطبية ونقلها خارج الدائرة القطبية إلى منطقة أقل برداً. سيدنا والسيد يُهدد إسرائيل بالرد المناسب وبكل برودة. يُناشد “الأستيز” من البرلمان جميع الأطراف التحلّي بالهدوء الحلو. صبيان الشام –مع فرع لبنان المختلط- ينظمون مسيرة تضامن مع المقاومة في برج أبو حيدر وشركاه والمارة من برج الأسد حتى الثور فالحمل –يُمنع توقف الذكور في برج العذراء. افتتاح دورة شبيبية في علم الفيزياء والكهرباء تناقش موضوع وحدة قياس المقاومة (أوم) وتأثيره على مجمل الدارة والدوائر.
– 60 درجة مئوية: القوى البحرية لجيش فينلاندا تقوم بتأجيل مناورات عسكرية بسبب رداءة الطقس، وأخبارٌ عن تجمد قرية بابانويل. أهل الشام يتابعون بشغف بَحْلَقَة حَلَقات مسلسل باب الحارة من الحَلَسْ على القناة 1، وعلى القناة 1,5 شبّاك الحارة الثانية المرصّع. صعوبة مصّ المتي بسبب تجمد المياه في البنبيجة، وغياب بياعين عرق السوس من سوق الحميدية بشكل مفاجئ. دار فور البشير ودار 4 الأسد بخير وتبشر بالخير.
– 70 درجة مئوية: بابانويل الاحتياط ينتقل إلى المناطق الجنوبية. رعاية الرئيس علي عبد الله صالح وابنه آخر حفل تخزين القات لهذه السنة في صعدة. سكان الشام يتابعون بارتياح أخبار التضخم في إسرائيل وازدياد معدل البطالة في أمريكا. تسريب أسرار الأهداف الحقيقية لعملية قطع 3 شتلات بندورة قبل احمرارها على الجبهة. ارتياح شعبي لبيان الجبهة الوطنية التقدمية بعد مهرجان رفع الأصابع الوطنية التقدمية “فيكتوري” على جسر فيكتوريا.
– 77 درجة مئوية: موت قسم من الميكروبات الموجودة في الأغذية. انخفاض حالات وجود لحوم فاسدة في ملاحم الشام (لا تشبه ملاحم جلجامش أو الإلياذة). تجمد جزء من جهنم وتعليق النشاطات فيها لاعتبارات جهادية. القرضاوي ذو الـ80 خريفاً يؤكد على مكارم الأخلاق خلال حفل قرانه الجديد على عروسه ذات الـ16 ربيعاً، ويُحذّر من تقليد الكفار. بعد استدعاء شهود الزور في قضية الحريري يقدم السيد هيكل شهادته في قناة الجزيرة باللغة السويحلية. بيانٌ في الشام دعماً لحملة منع إقفال الأنفاق والملاجئ والكهوف والجحور!.
بعد السبات الشتوي يرجع الربيع من جديد في 8 آذار، ويتجدّب الوطن وتعجّ الشام بالزمامير والطنابر والمخابرات، وطقس جيد لا حاجة إلاّ للماء والكهرباء. الصحوة السياسية لا تتأثر بالحرارة، وتتغير حسب اللحمسة واللكوشة والنكوشة. مثلاً: كتب القيادي السابق في تنظيم جماعة الأخوان زهير سالم –أخوان هي جمع مذكّر سالم- المهم كتب موضوعاً بعنوان “جماعة الإخوان، هل قابلة للحل؟”، يؤكد استحالة حلّها، وإذا حُلّت تصبح حزب الرسول(ص)، بينما يبقى ثابتاً حزب الله(ج)، وجمعية المرتضى تصبح حزب الإمام علي(ر – ع)، البعث يصبح حزب القيامة، وقوى 14 آذار تصغر لتصبح 8 آذار ثم يكبرا معاً حتى جبهة 16 تشرين ثاني. فطورٌ مسائي مشترك بين وصال بكداش وخالد مشعل تحت شعار “يا عمال العالم صلّوا على النبي!”.. ونتابع:
+ 25 درجة مئوية: تثاؤب الإسرائيليون يُسمع في أكثر المدن السورية. شيخ قطر يرعى مصالحة بين ماهر الأسد وأخوه الأكبر إثرَ خلاف حول وسائل متابعة التحرير. بدء وصول التيار الكهربائي وبشكل يومي ولمدة ساعة و 54 دقيقة والحمد لله. تدفق الماء من الحنفية باستطاعة تنكة/ربع ساعة ولمدة سبع تنكات للشفة. تبادر الدكتورة شعبان مع الدكتورات في الوزارة والبرلمان وبرعاية الشيخة القبيسة أم أنس في إطلاق حملة توددية للإفراج عن المتهمة الإيرانية سكينة وإلغاء قرار حكومة ولاية الرجم الرحيم، والذي يستند إلى حكاية رحيمة تكرّم المرأة المسكينة ناقصة العقل والتي تلعب بكامل العقل والأوصاف فتلني. (عذراً على الصيغة الساخرة لمأساة ضحايا بؤساء الدين).
+ 30 درجة مئوية: سكان محطة الأبحاث الفضائية حول الأرض يسمعون صوت المؤذن من برج خليفة في دبي ويقيمون صلواتهم باتجاه تحت، ويتم تحميل الآذان شحنة تقوية باتجاه فوق. مسيرات دعم جامع غزوة نيويورك وإحداث قسم ولاية الفقيه. مبادرة لتوحيد علوم الجهاد ضد الغرب. يعود العراقيون لمتابعة المباحثات حول تشكيل حكومة جديدة. الشعب السوداني، وأهل دارفور خاصة يطالبون بمحاكمة كامبو أمام محكمة سودانية وبرئاسة قضاة من محكمة أمن الدولة السورية بتهمة نشر أخبارٍ كاذبة. أهل الشام مازالوا يمشون الحيط الحيط، ويشكرون القائد على مكرمته بتمديد فترة الكهرباء إلى قرابة الساعتين يومياً –هالا لويا.
+ 35 درجة مئوية: صار شرب الكوكاكولا بدون تبريد غير مُستساغاً بالمرة، عودة عِرق السوس إلى كل الحارات ابتداءً من كفر سوسة، وانتشار عِرق الست عند الرجال أيضاً. حديث عن ارتفاع دقائق وصول التيار الكهربائي مع انخفاض ساعات طاقة المقاومة المعارضة، وتعمل المعلّقة منها حتى إشعارٍ آخر على واحد فاز. ظهور الجَرَب على جداريات دمشق وحلب وحتى تدمر بسبب ضوء الشمس والقمر، وفي بعض المناطق الكردية قاموا بتغطيتها بالأسود منعاً للفتنة. انتشار ظاهرة التيّمُم وبلْع الريق الناشف. بعد صلاة الاستسقاء والاستمطار والاستبراد خطباء الجمعة والسبت يُشيدون بعطاءات القائد، ويبتهلون لإطالة عمره، وأجراس الكنائس تدق ابتهالاً بالمحبة. ومرة ثانية هالا لويا.
+ 40 درجة مئوية: كل عام وأنتم بخير، رمضان كريم. عودة الحياة إلى الجزء المتضرر من جهنم، وتزيينات مثيرة على أسوار الجنة. عودة باب الحارة من البوابة ومعه ما ملكت يمين ويسار ووسط أسوة بتيارات البرلمان والجبهة الحاكمة –لا نريد الحديث عن المعارضة كي لا يعرضوا عنّا أكثر. حرارة الصمود واضحة على وجوه الرجال -لا حديث عن الحرارة النسائية لأنه يعتبر قلة أدب ويدعو للفتنة- ونستطيع الاعتقاد أنها تساوي نصف حرارة الصمود والثبات الموجودة عند الذكور. يمكن الحصول على مازوت التدفئة بدون الانتظار كثيراً. مهرجان الكرمة (العنب) السنوي في السويداء ينتخب ملكة جماله لهذا العام مُلثّمة حتى فوق المنخار تماشياً مع كتاب جديد للبوطي يتحدث عن علم الجمال الحلال والمداراة والتجامل الواجب بدون تحامل.
+ 45 درجة مئوية: نصف سكان فينلندا بما فيهم الإناث –باستثناء بعض الغرباء- يتسطحون في الحدائق والمسابح نصف عراة، أو ¾ عراة -وقفة لبلع الريق والتأمل، المهم وقوف الحياة في دول اسكندنافيا، وعدم الوقوف في بلداننا حتى يرن جرس المنبه. ولائم إفطار أرستقراطية بعد الغروب في أرض الفقراء، وإفطارٌ بسيطٌ بعد الشروق في بلاد الأغنياء. بعد قطع الشجرة اللبنانية في العديسة من قبل إسرائيل-الله يقطع عمرها- هدية إفطار مناسبة وهي شجرتين للرئيس الحريري، ونكاية بإسرائيل، بشرط أن يزرعهما قبل 14 آذار، أي في 8 آذار.
+ 50 درجة مئوية: أجهزة التبريد لا تعمل جيداً في البناء العشوائي للجنة المغلقة مؤقتاً. نشاط لترشيد استخدام الطاقة على مخدم الرشيد ابن الباز بعد أن أوقف حركة الأرض توفيراً للطاقة. الحرارة قد تحرق أصابع السيد محمد اللاّ أمين الذي لعب بالنار ويؤمّن دفع زكاته من عملية احتيال جديدة قبل مشاهدة هلال رمضان بساعات، ويصومه باطمئنان المؤمن والإثبات رائحة فمه. طرح ثياب عُلوية للحشمة أوريجينال مزودة بمكيفات تبريد تعمل على طاقة الجاذبية لنيوتن.
+ 77 درجة مئوية: 97% من أهل الشام ينظمون مسيرة مبايعة صِفرية جديدة، ويُنشدون وبصوت واحد “بالروح بالدم، بالماء والكهرباء و… للأبد، نفديك يا حافظ، بشار، … الأسد”! الحرارة حول معدلها العام، سواء تحت الاحتلال في الجولان أو فوق الاحتلال في الشام! نحن بخير، “نحبكم” ونحب أن نتبادل معكم!
بودابست 3 / 9 / 2010، .
خاص – صفحات سورية –