هاري بوتر: هدايا الموت المقدسة: فيلم مظلم وحزين يهيم فيه الابطال بحثا عن ملجأ وساحر الدمار فولدمورت ينتصر!
ابراهيم درويش
في الجزء الاول من الحلقة الاخيرة من سلسلة هاري بوتر الصبي الساحر الذي اخترعته الكاتبة البريطانية جي كي رولينغ، يقدم لنا المخرج ديفيد ييتس فيلما حزينا، بطيء الايقاع تدور احداثه خارج اطار مدرسة السحر ‘هوغوورث’، حيث يخرج الابطال الشباب الثلاثة، شابان وبنت، الى فضاءات متعددة ويدخلون في مغامرات متعددة الوجوه بحثا عن الادوات السبع التي تحمي وزرع فيها لورد فولدمورت (رالف فاينس) روحه كي يحميها من الدمار. والفيلم ‘هاري بوتر: هدايا الموت المقدسة -1’ (ترجمة تقريبية لا تنقل عنوان الكتاب الاصلي) حيث صدرت الرواية الاخيرة من السلسلة عام 2007، الذي افتتح يوم الجمعة ضمن حملة كبيرة من الحملات التي ترافق عادة ‘التجارة’ التي ولدت حول سلسلة الروايات الموجهة اصلا للفتيان ونقلت كاتبتها من طبقة متوسطي الدخل الى واحدة من اغنى اغنياء بريطانيا والشخصيات المؤثرة عالميا. وبدأت حملة عرض الفيلم بـ 2200 عرض في كل انحاء بريطانيا والعالم مع ان بعض الدول تأخرت عروضه فيها ومنها كوريا الجنوبية. ويأمل المنتجون ان يحقق الفيلم ريعا في الايام الاولى من عرضه يبلغ 135 مليون جنيه استرليني. والمهم في ظاهرة هاري بوتر ليس في الانتاج السينمائي ولا الفيلم الحالي وحتى القادم ـ الجزء الثاني منه والمتوقع عرضه في تموز (يوليو) القادم ـ لكن اثره وارث كاتبته رولينغ، وما سيتذكره الجيل القادم منها، هل هاري بوتر الذي صدرت اولى رواياته عام 1997، كانت ظاهرة لحظية خدمت جيلها ام انها ستقاوم النسيان وتستمر بالتأثير على الاجيال المحبة للسحر وعالم السحرة؟ اما الامر الاخر فهو يتعلق بمستقبل الابطال الثلاثة الذين تسيدوا افلام هاري بوتر السبعة فقد كبروا معها وصاروا شبابا ويبحثون الان على ما يبدو عن حياة لما بعد هاري بوتر، فهاري بوتر (دانيال رادكليف) وهيرمايني غرينجر (ايما واتسون) ورون ويزلي (روبرت غرينت) يتحركون ويبدون في هذا الجزء وقد كبروا وخرجوا من قاعات درس واطار مدرسة السحر في ‘هوغوورث’ حيث منحتهم الكاتبة مساحة اوسع للتفكير والتحرك في فضاءات مفتوحة، يدخلون العوالم السحرية في ‘وزارة السحر’ ويتحركون في معالم لندن – شافستبري افنيو، وفي الغابات والشواطئ المهجورة ويتسلقون الجبال، كل هذا من اجل تدمير الروح الشريرة للورد فولدرموت الذي قرر في اجتماع مجلس الشر الذي يبدأ مشهد الفيلم الاول به قتل الفتى الساحر بنفسه، والتوقف عن تكليف اعضاء في مجلس الشر كما كان يفعل في الماضي.
معركة مفتوحة وحكمة هيرمايني
تبدو الان المعركة مفتوحة بين هاري،المبعوث والمختار، وبين مبعوث الموت، فهاري وزميلاه يتحركان في فضاءات مفتوحة، من دون حماية المدرسين وبعيدا عن امن المدرسة، وبلا رعاية مدير المدرسة الذي مات، اللورد دامبلدور (مايكل غامبون) الذي مات في الحلقة السابقة، مما يعني ان عليهم تدبر امرهم بأنفسهم. وتبدو في السياق نفسه قوة الشر في صعود، فقد نجح فولدمورت في السيطرة على وزارة السحر واختراقها عندما نصب عليها مديرا من اتباعه. وعلى الرغم من القائمة الكبيرة من الاسماء التي حشدها المخرج في هذا الجزء، من البروفسور سنيب (الان ريكمان) وهاغريد (روبي كلوترين) و بيلاتريكس ليسترانج (هيلنا بونهام كارتر)، الا ان وجوههم تحضر مرة او مرتين لتعود وتختفي وراء ظل المغامرات والانتقال الدائم من مكان لاخر، حيث يبحث فيه الابطال عن مكامن الضعف في معسكر الشر. ومن هنا يبدو الفيلم مثقلا بحس من الحزن والتوتر العالي الذي يبشر بحدوث تغير. وباستثناء بعض المعارك والملاحقات التي تحدث في بداية الفيلم عندما يقوم افراد ‘تنظيم الفينيق’، وهي الميليشيا التي انشأها سرا اللورد دامبلدور من اجل حماية هاري بوتر وصديقيه، الا ان حس الذاكرة الحزينة والماضي يسيطران على الطريقة التي يتحرك فيها ابطال الفيلم، ومن بين الثلاثة، يبدو رون ويزلي وقد كبر ونضج اكثر من صديقيه، حيث يقرر في اثناء الطريق التخلي عن صديقه هاري وحبيبته هيرمايني لان الشكوك تساوره حول علاقة بين الاثنين ويترك هيرمايني التي قررت محو اي ذاكرة تعيدها الى جذورها وعائلتها ومعها ظل هاري يبحث هو الاخر عن ذاكرة والده ووالدته اللذين قتلا. وفي ظل هذه الاجواء تنشأ مشاعر من الحب والتعاطف بينهما وهما في الطريق، حب او تضامن. ومع ان رقصة هاري مع هيرمايني ليست موجودة في الاصل لكن كاتب النص ستيف كلوفز ضمنها، ربما من اجل التأكيد على طابع التشوش الذي يعلم طريق الابطال. وهنا بالنسبة لهرمايني ظلت في الكتب الاولى تلك الفتاة المشغولة بالقراءة واظهار ذكائها امام صديقيها، وبدت في بعض الاحيان شخصية هامشية ولكنها في هذا الجزء هي التي حافظت على تماسك الفيلم وبدت في تعبيراتها وحكمتها وقدرتها على فهم الاشياء وبالتالي الخروج من مآزق كانت تعترض طريقهم ولم تفقد توازنها حتى بعد قرار الشخص الذي تحن عليه وتحبه رون تركها مع هاري بعد ان سكنته الهواجس من ان علاقة ما تنمو بينهما، ففي كل مرة كانت تقرأ، وتعاني الم الرحلة، رحلة البحث عن ‘هوركراكس’ تلك التعويذة او الحجاب الذي وضعه اللورد فولدمورت في حلقة ـ عقد ‘هوركراكس’، التعويذة التي يجب ان تدمر من اجل اضعاف الخصم، قائد عصبة الشر وبالتالي التخلص منه. جاء صعود فولدرموت بعد مقتل دامبلدور وهو الذي حذر وزارة السحر من ان فولدرموت لم يمت ولكنه اضعف، وبالتالي فانه في اية لحظة سيكون قادرا على استعادة قوته، ومن هنا شكل دامبلدور، الرجل الحكيم، مجموعة عسكرية لحماية هاري منه ومن جماعته المعروفة باسم ‘آكلي الموتى’. اللورد دامبلدور هو الذي توصل إلى حل السر عندما وجد انه بامكانه ان يسيطر على العالم بامتلاكه ‘العود السحري’ والحجر والعباءة ولكن العود هو الكفيل بامتلاك العالم وغزو الموت، لكن مأساة دامبلدور الشخصية هي التي دجنته وابعدته عن فكرة تطهير العالم من الانجاس. ومات وهو يمتلك السر، ‘العود السحري’. ولهذا نفهم سر توق وقتال فولدمورت للحصول على التعويذات التي منحها الموت للاخوة الثلاثة كما سنرى لانه بامتلاكه العود كان يعتقد انه سيملك العالم ويطهره من الانجاس ‘ماغلز’ من لا يملكون القدرات السحرية.
الفيلم والنص
يبدو كلوفز مخلصا للنص، ولم يرد في الكثير من الاحيان اغضاب المعجبين واتباع هاري بوتر، ومن هنا حرص على تضمين معظم احداث الرواية وعندما اضطر لاختصار وقطع مشاهد قطع بطريقة لا توحي بذلك، من ذلك عندما لاحقت مجموعة من عناصر ‘اكلي الموتى’ هاري وصديقيه في الغابة واخذوهم الى وزارة السحر، فقد تمت ملاحقتهم بسبب بعد هروبهم من بيت والد لونا لفغود (ايفانا لينتش) ظهر والدها وكأنه خائن للثلاثة وانه يعمل لعصبة الشر، لكن في الحقيقة وحسب الرواية كان مجبرا على التعاون خاصة ان ابنته لونا اصبحت سجينة لدى جماعة الشر، وقد اعتذر فيما بعد والدها زينفيليوس لفغود (ريز ايفانس) عن الامر حسب النص الاصلي، مما يعني ان كاتب النص كان امام امتحان صعب بين الالتزام بحرفية النص والتنويع والاستعارة من الطبيعة والموسيقى واضافة بعض الحركات التي لا تشوه اصالة النص الاصلي. والمهم في هذا الفيلم هو درجة الرعب التي يمنحها للمشاهد من ناحية انه في محاولته تعرية جماعة الشر التي سيطرت على العالم السحري، يقيم للمعارضين السجون والمقاصل ويقوم بعمليات اغتيالات ويحول الارض والبيوت الجميلة الى مناطق اشباح. هنا الاخيار من السحرة الذين يمثلهم هاري وجماعة الفينيق باتوا ملاحقين يتخفون عن الانظار اعتمادا على قدراتهم السحرية والحيل التي تركها لهم الاباء وتعلموها من الكتب والاساتذة في مدرسة السحر. ويبدو حس الهزيمة المؤقتة واضحا من المشاهد الاولى في الفيلم عندما يجد هاري نفسه وحيدا بعد رحيل عمته وزوجها من البيت تاركين هاري وحده، فهي لم تعد تتسامح مع خطر يأتي من هاري ـ المسيح ـ المختار. ولا بد من الاشارة هنا إلى ان الجزءالاول من الفيلم فيه بعض الحركة من ناحية افتعال بعض المعارك والملاحقات، خاصة بعد ان تخفى الجميع بصورة هاري (شربوا كلهم من الدواء الذي اعده الستور ماد ـ آي ـ مودي (برندان غليسون) ، في تلك المواجهة يفقد واحد من التوأمين شقيقي رون، اذنيه، ويموت الستور بسبب ضعف مرافقه ويقتل صقر هاري. ويرى الاخير انه لا يريد ان يموت أحد بسببه، ويقرر الرحيل ليواجه قدره وحيدا، لكن رون صديقه يقنعه بان المعركة لا تعنيه وحده اي هاري لكن كل الاخيار الذين يمثلهم هذا الفتى الذي وجد نفسه امام ملاحقة من الشر. واضافة لمشهد الملاحقة الاول نرى حركة ومعارك في حفلة زفاف (لم يقل لنا من تزوج من)، وبعد تدمير خيمة العرس تنفتح خيوط القصة على فضاءات جديدة وتبرز لندن الحقيقية كساحة للمعركة، فهي في شوارعها السريعة وبيوتها الفيكتورية تتحول إلى ملاجئ للسحرة الهاربين من ديكتاتورية النظام الجديد، فيما تتحول غابات وسهول انكلترا إلى مسرح من مسارح الحرب الشاملة، فمع ان البيوت والمدن حقيقية تدق كنائسها في عيد الميلاد الا انها تتحول لمدن اشباح عندما يدخل اليها السحرة وهم يخوضون حربهم الخفية عن الاعيان.
القمع والديكتاتورية
قلنا ان الفتيان كبروا وانهم صاروا مستقلين في افكارهم قادرين على قيادة قدرهم ومواجهته. يبدأ الفيلم وقد اصبح عمر هاري 17 عاما، وعلى خلاف صورة السحرة بلباسهم الغريب واشكالهم القبيحة بسبب قبح اعمالهم (هذا يصدق في حالة فولدمورت الذي ولد وسيما لكنه اصبح مثل الثعبان بسبب قبح عمله) فالفتيان الثلاثة شبان معاصرون قادرون على التخفي والاختلاط في اي فضاء. في المعركة التي تدور في كل مكان يواجه المشاهد ايحاءات عن القتل والابادة، فالكاتبة وان نفت ان تكون قد استحضرت الابادة والنازية عند كتابتها الا ان الفيلم يوقع على هذه النبرة ، خاصة في مشاهد البيوت المحروقة، والمعسكر الابيض من البيوت الذي تسكنه الاوراح، ومتابعة هاري للراديو وهو يهمس باسماء من قتلهم النظام الجديد، وقبل ذلك حس القمع في سجون وزارة الخوف، وهي مشاهد ان لم تعد زمن النازية فبالتأكيد ستعيد زمن الشمولية والحرب الباردة خلف الستار الحديدي. هيرمايني تواجه التعذيب وخطر القتل من قبل الساحرة ليسترانج حيث تعلمها بعلامة الموت وتشلخها بالسكين وينزف الدم منها، وهذا ما يذكر بالنازية والانظمة الشمولية.
حكاية الاخوة الثلاثة مع الموت
لعل من المشاهد الجميلة في الفيلم حكاية الاخوة الثلاثة والذين واجهوا الموت وحاولوا مد جسر عمرهم اي خداع الموت الذي غضب من العملية، ولكنه لعب مع الاخوة لعبتهم. وتقول القصة ان الاخوة الثلاثة وصلوا نهرا (الموت) حاولوا قطعه بمد جسر عليه (العمر)، ولكن الموت غضب منهم ومع ذلك قرر لعب لعبتهم واعطى كل واحد منهم امنيته فقد طلب الاخ الاكبر عودا سحريا قوي المفعول والاخر اعطاه حجره السحري الذي يبعث ارواح الاحبة من القبور، اما الصغير فقد طلب عباءة الموت السحرية (غير المرئية)، وحسب القصة فقد رأى احدهم قوة الاخ الاكبر بعوده السحري، فسرقه منه وقتله، اما الاوسط فقد حاول احياء روح حبيبته لكنه انتهى منتحرا كي يكون معها، فيما عاش الصغير بحماية عباءة الموت ما شاء له ان يعيش وعندما مل من الحياة ذهب لمقابلة الموت على قدم المساواة، مورثا العباءة لابنه. تمت استعادة القصة بصريا باستخدام تقنية خيال الظل مما اعطى بعدا مؤثرا على المشاهد. الموت ثيمة واضحة في الفيلم والرواية ويبدو ان رولينغ وغيرها من الكتاب لا يجدون حرجا في تضمين الموت في الكتب السحرية، ففي الماضي كان الاشرار هم الذين يموتون ولكن قصة هاري بوتر في نهاياتها مليئة بالموت، ففي هذا الجزء مات دوبي وهو قزم غريب كان يستعبده لوسياس مالفوي (جيسون ايزاكس)، وظل منذ تلك اللحظة وفيا لهاري بوتر يحضر في الوقت المناسب لكن دوبي حضر في هذه الحلقة لينقذ هاري ورون ويخلص هيرمايني من قبضة الساحرة وليموت، وفي الجزء القادم سيموت البروفسور سنيب الذي احب ام هاري ليلي بوتر والذي كره هاري لانه ظل يذكره بكل شيء اسمه جيمس بوتر والد الفتى. واعترفت الكاتبة انها بكت عندما كتبت هذا الجزء من الرواية لان حكاية البروفسور سنيب مثلها مثل حيوات بقية السحرة لها بعد آخر، مقابل حقيقي عن الحرمان والرفض والتشرد والحب المقموع والشعور بالنقص الذي عوضه سنيب بالانضمام الى المعسكر الاخر. طبعا سننتظر هذا المشهد في الجزء الثاني الذي سيسدل الستار على ظاهرة هاري بوتر. واسم الرواية مأخوذ من هذه القصة التي تدور حول المنح التي قدمها الموت للاخوة من اجل التحايل عليه او التعامل معه على قدم المساواة. ولان فولدمورت كما اشرنا اعلاه كان حريصا على غزو العالم فقد كان يرغب اكثر ما يرغب بامتلاك اكثر اداة قوة وهي العصا السحرية من اجل امتلاك العالم.. انها الاشياء المقدسة والجميلة التي منحها الموت لهم ‘ديثلي هالوز’.
من لا يعرف القصة ماذا يفعل؟
بالتأكيد فيلم ‘هاري بوتر : ديثلي هالوز’ مصنوع لأتباع هاري ومحبي السلسلة لكن ماذا يفعل من لم يقرأ اياً من الكتب ولم يشاهد ايا من الافلام الستة عن الفتى الساحر؟ سؤال طرحه اكثر من ناقد فني في الصحف التي قدمت مراجعات له منذ بداية عروضه. بعضهم اكد ان من لم يتعود على مصطلحات من مثل ‘ماغلز’، ‘آكلي الموتى’، ‘ووند’، ‘هوغوورث’ و ‘دوبي’، ‘ديثلي هالوز’ سيجد صعوبة في متابعة حيثيات القصة لان الشخصيات لها تاريخها، ولها اسرارها، فكل شخصية لها ما يعادل الوجود الحقيقي ـ البشري وتأتي محملة بعقد الذنب والدوافع الشريرة وتخفي وراءها اسراراً، سنعرف اسرار الحكيم دامبلدور بعد موته عندما تنشر الصحيفة الرسمية ‘رسالة النبي’ لوزارة السحر مقالا استعاديا عن الساحر الحكيم وتكشف الجانب الاخر من حكايته تماما مثل اي سياسي، رجل عام لا تعيش الصحف الشعبية البريطانية من دون الكشف عن اسرارهم او اختراع اسرار لهم. ونعود مرة اخرى للسؤال الذي طرحناه عن المبتدئ في علم هاري بوتر، هل سيتمكن من فهم الفيلم وماذا يفعل؟ هل يحتاج إلى أخذ مساق ام سيعتمد على تابع من اتباع هاري بوتر (ليس هاري كريشنا الذي يقدم اتباعه طعاما نباتيا مجانيا كل يوم لطلاب جامعة لندن)؟ بالنسبة إلي اعتمدت على ما قرأته من السلسلة، وشاهدت كل الافلام منذ بداية ظاهرة بوتر، وعلى زوجتي التي لم تترك رواية الا وقرأتها مرتين، ومع ذلك تظل الاسماء غريبة احيانا تماما كما كنا نجد الغرابة في اسماء الجن والعفاريت الخارجين من تحت الارض. طه حسين تحدث في كتابه ‘الايام’ عن ظاهرة الجن والعفاريت الذين يحضرون في الليل ليمارسوا لعبهم وهزلهم في بيوت الفقراء طوال الليل، قبل ان يخرج ضوء النهار حيث يعودون لعالمهم الارضي. وهذا يقودني الى مقال قرأته – دراسة قبل اعوام نشرتها المجلة البريطانية لدراسات الشرق الاوسط عام (2005) لريمك كراك عن الاسلام والسحر ـ وعلقت فيه على ما ذكرته صحيفة امريكية عن منع الامارات العربية المتحدة لكتب هاري بوتر لانها تفسد اخلاق الفتيان وتخالف التعاليم الاسلامية. والكاتبة ركزت على كتب السحر والسحرة المتوفرة في المكتبات العربية والمهجر، ومواقف الشريعة وعلمائها. وهي لم تتحدث عن الطريقة التي تم فيها التعامل مع هاري بوتر وزمرته من السحرة الاخيار. هاري بوتر سلسلة ارتكزت على فكرة السحر من اجل مواجهة العصر الحالي، وقارئها لا يستبعد البعد الديني فيها، تماما كما تبدو الاعمال التي كتبها روائيون انكليز مثل سي اس لويس الذي كان مسيحيا متدينا مثله مثل تولكين صاحب ‘سيد – ملك الخواتم’، والمسيحية مثل الاسلام شجبت السحر، وكان الرهبان يحرقون الساحرات في العصور الوسطى. وقد تأثرت رولينغ بكتابات لويس صاحب ‘اليس في بلاد العجائب’. وان اردنا تحليل عالم رولييغ الغرائبي فهو مرآة للعالم الحقيقي ـ جميلة او قبيحة له على خلاف تولكين الذي يلغي العالم الحاضر ويدخل ابطاله في عالم جديد ومخلوقات ذات معنى مختلف.
رادكليف جامد ومتوتر
في النهاية لم اعجب كثيرا بأداء رادكليف كثيرا، فهو ممل احيانا ومتوتر وجامد في احيان اخرى، ولم ينقذه سوى اداء هيرمايني (واتسون) التي اضفت على القصة حضورها الانساني وحبها، اما رون (غرينت) فيبدو وقد نضج وكبر كثيرا، وتعليقاته البريئة في الماضي تبدو الان محملة بالسخرية المرة. معركة الفتيان ـ الشباب الثلاثة ـ مع اللورد فولدمورت لم تنته بعد، فهو وان فتح قبر اللورد دامبلدور في المشهد الاخير واخرج منه العود السحري ووقف على قمة العالم منتصرا لكن المعركة لم تنته، فالفتيان الثلاثة وراءه ولن يكون قادرا على قتل هاري بوتر الذي يعتقد انه بقتله سيبقى حيا ومخلدا لان جزءا من روحه في داخل هاري فكيف سيعرف هاري السر؟ وكيف سيكتشف فولدمورت المشكلة؟ هل ستكون ذاكرة البروفسور سنيب هي المدخل؟ ربما ستظل الاشياء التي تركها دامبلدور لكل واحد من الثلاثة ووزعها مدير وزارة السحر روفوس سكريموغر (بيل نايتي) مفيدة للمواجهة الاخيرة.
‘ ناقد من اسرة ‘القدس العربي’
القدس العربي