صفحات سورية

لهذا لن يبتعد الأسد عن إيران

null
البروفيسور الحاخام دانيل زوكر
إن إدارة أوباما و وزارة الخارجية الأمريكية تتشارك في وهم مع رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق سيء الحظ أيهود أولمرت و عناصر داخل وزارة الخارجية الإسرائيلية وهو أن كلا من هذين الفريقين يعتقد أن الرئيس بشار الأسد يمكن أن يقتنع بقطع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية،، و يمكن أن يدخل من العزلة الى حظيرة الدول المتحضرة, و ذلك إذا تم تقديم الخيار الصحيح من الجزر، من أجل دفعه للابتعاد عن سادة الإرهاب الإيرانيين. لربما مزيج من مرتفعات الجولان و مناعة ضد المحكمة الدولية المختصة في النظر بمقتل الحريري, أو لربما أفضل من ذلك, نسيان أن هذا الأمر حدث في الأصل, (1) و جرعة صحية من المساعدات الخارجية إضافة الى التجارة و شطب الديون من قبل الولايات المتحدة و الغرب يمكن أن توفي بالغرض… إضافة الى السيطرة مرة أخرى على لبنان و يمكن أن تكون هذه كالكرزة التي توضع في النهاية على قمة الكعكة.
إذا طارت الخنازير, و تجمدت جهنم عدة مرات, فإن الأسد لن يتخلى عن تحالفه مع إيران. لماذا؟ على أي الأسس وضعت مثل هذا التوقع القاسي؟ و ما الذي يجعلني أتوقع أن إدارة أوباما و أولمرت كانوا ساذجين في التفكير بأن السلام الاسرائيلي- السوري يمكن الوصول إليه مع الأسد؟
إن هدف الرئيس السوري (مدى الحياة) بشار الأسد هو الاستمرار في الحياة. بالنسبة للأسد فإن هذه الأولوية و المتمثلة في طول العمر يمكن أن تضمن طالما أنه مستمر في حكم سوريا. بالنسبة له فإن جميع الاعتبارات الأخرى تتضاءل إذا ما قورنت بهذا الأمر. إن محاولة الانقلاب التي حدثت في فبراير 2008 (2) و التي قام بها آصف شوكت صهر الرئيس بشار و رئيسه مخابراته حتى ذلك الوقت تظهر أن عرش الأسد لم يستقر بشكل آمن كما كان الوضع عليه أيام والده الراحل حافظ الأسد. للمستقبل المنظور فإن الاحتفاظ بالسلطة لا يزال يشكل الأولية القصوى بالنسبة للأسد. و بسبب أنه يعيش بين جيران صعبين جدا, فإن التحالف مع أصدقاء آخرين هو ما يمكن أن يبقيه حاكما على بلاده. و كعضو في الأقلية العلوية الارستقراطية (3) فإن الأسد مهدد و محتقر من قبل أغلب السوريين, الذين تشكل السنة غالبيتهم. إن العديد من السوريين مؤيدون لجماعة الإخوان المسلمين (4), و هم يزدرون أسلوب الحياة العلماني للقيادة العلوية و اتصال العلويين بالشيعة. و من خلال القمع و فرض القوانين العسكرية – على أساس أن سوريا لا زالت في حالة حرب مع اسرائيل- فإن الأسد و زملاءه لا زالوا يحتفظون بالسيطرة على الجماهير السورية. و إذا وقعت سوريا اتفاق سلام مع اسرائيل, فإنه لن يعود بمقدور الأسد إبقاء سوريا على عتبة الحرب, و سوف يضطر الى التخفيف من سيطرته القوية على البلاد. و هذا العمل – من وجهة نظره- سوف يؤدي الى ثورة ستطيح به مباشرة من السلطة الى القبر. بالنسبة للأسد و على الرغم من كل التصريحات الوطنية التي يدلي بها و المتعلقة باستعادة مرتفعات الجولان, فإن هذه المرتفعات لا تساوي حياته.
كما أن الأسد يعلم تماما أنه و إذا توصل الى السلام مع إسرائيل, فإن الولايات المتحدة ستفقد مباشرة الاهتمام برفاهية سوريا و المساعدات الخارجية و التجارة التفضيلية سوف تختفي في القريب العاجل بسبب أنه لا يوجد لدى سوريا أي مصادر طبيعية تهم الولايات المتحدة, إذا ما أخذنا بعين الاعتبار تاريخ سوريا في الجفاف, مع فشل محصول القمح السنة الماضية بسبب الجفاف (5) و الصعوبات التي تواجه الاقتصاد السوري (6) إن الأسد يعلم تماما أنه كلما ازدادات هذه الأمور فإن ذلك سوف يؤدي الى سخط عام ما بين الجماهير السورية ذات الغالبية السنية. بالنسبة له فإنه من المنطقي له أن يتعب الولايات المتحدة و الإبقاء على محاولة أمريكا المستمرة في كسبه صديقا, و ذلك لأنه لدى الولايات المتحدة سجلا ضعيفا في مساعدة أولئك الأصدقاء الذين ليس لديهم أي شيء ليقدموه في المقابل.
كما أن السلام مع اسرائيل سوف يمنع سوريا من العودة مرة أخرى الى لبنان لحماية هذه الجارة من “خطر الغزو الصهيوني”. إن السلام مع اسرائيل سوف يقفل لبنان تماما على سوريا, وهي العقار الذي تفضله سوريا أكثر بكثير من مرتفعات الجولان.
و لكن لربما كان العامل الأكثر أهمية حول تحالف سوريا مع إيران هو أن هذا التحالف يمنح سوريا الفرصة للوصول الى المساعدات العسكرية و الاقتصادية الإيرانية و الروسية و الكورية الشمالية و الصينية. و على الرغم من أن الأسد بحاجة الى مزيد من المساعدات و هو قادر على لعب “أحاجي السلام” من أجل الحصول على مساعدات الغرب إضافة الى الخروج من العزلة التي فرضت عليه بعد اغتيال الحريري, فإنه يعلم تماما أنه سيكون انتحارا أن يقوم بكسر التحالف الموجود حاليا ما بينه و بين إيران. إن الحكومة الإيرانية الحالية تشبه المافيا الى حد كبير: فهي ستجد طريقا ما للانتقام إذا شعرت أنها تعرضت للخيانة. لقد باع الأسد روحه الى الشيطان الإيراني (7)؛ و هو لن يكون قادرا على استعادتها بهذه السرعة من إيران.
إن السماح للحكومة الإيرانية بالسيطرة على الكثير من قدراته الدفاعية وا لصاروخية (8) لن تجعل بمقدور الأسد إزالة إيران من عتبة منزله. إن الأسد حبيس دعم الممانعين مثل حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله و خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحماس, و كونه مدعوما من ملالي طهران فإن هذا يمنحه حصنا ضد الغرب و يعطيه المرساة المناسبة وسط بحر السوريين السنة. و لا عجب أن نزار عبد القادر وهو نائب رئيس الأركان اللبناني السابق قد كتب السنة الماضية :” بمثل هذا المنظور, فإنه يبدو أن إيران لا زالت هي المنتصر النهائي في هذه اللعبة, وسوف يتضاءل الدور المستقبلي لسوريا و سوف تكون مجرد قناة للدعم اللوجيستي الإيراني لحزب الله”(9) و بعد أن دخلت سوريا في هذه العلاقة مع إيران وافقت الأخيرة على تأمين شراء سوريا لمعدات عسكرية روسية جديدة في مقابل شطب روسيا لما يقرب من 73% من ديون سوريا على الاتحاد السوفيتي السابق. (10) إن سوريا ليست على وشك عض اليد التي تقوم بإطعامها.
على الرغم من صعوبة التأكد بدقة, فإننا لا نستطيع أن نلغي الخوف من الانتقام كعامل يشد الأسد إلى سادته في طهران. و بالنظر الى كيفية استخدام المخابرات الإيرانية (11) العمليات الخاصة من أجل اغتيال معارضيها و أولئك الذين قطعوا العلاقات مع النظام (12) – بما فيهم على سبيل المثال لا الحصر الزعيم الكردي عبد الرحمن قاسميلو و اثنين من أصدقائه في فيينا عام 1989 و اغتيال قاسم رجوي في جنيف عام 1990 و رئيس وزراء إيران السابق شابور بختيار و حارسه الشخصي في باريس عام 1991 و أربع مسئولين أكراد في مطعم ميكونوس في برلين عام 1992 (13) فإنه من المستبعد أن يخاطر الأسد في إثارة غضب انتقام المرشد الأعلى على الخامنئي و تابعيه من (الفيفاك) – المخابرات الإيرانية- بسبب خيانة الإمام. لربما لا يكون بشار الأسد ماكرا كما هو حال أبيه, و لكنه تعلم الكثير من ثعلب دمشق الكبير و البقاء على قيد الحياة كان هو الدرس الأساسي في جميع الأوقات.
الخلاصة: حتى يظهر المشروم ( تجربة التفجير النووي) على طهران أو حتى يتغير نظام الملالي الحالي, فإن بشار الأسد سوف يبقى في زاوية إيران, ولا يهم حجم الجزرة التي ستقدم له من قبل الولايات المتحدة أو/و من اسرائيل. بمجرد الانضمام الى المافيا؛ فإنه لا يمكنك التخلي عن هذه الحياة.
البروفيسور الحاخام دانيل زوكر هو مؤسس مجلس أمريكان من أجل الديمقراطية في الشرق الأوسط, وهي منظمة كرست نفسها من أجل تعليم مسئولينا المنتخبين و العامة حول أخطار التطرف الاسلامي و الحاجة الى إنشاء مؤسسات ديمقراطية حقيقية في الشرق الأوسط كعلاج لسم التطرف.
البروفيسور الحاخام دانيل زوكر
وورلد ديفنس ريفيو 3-6-2009
ترجمة : قسم الترجمة في مركز الشرق العربي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى