السياحة على الطريقة الجزائرية
فضيلة الفاروق
يصرُّ الجزائريون دائماً على أن بلادهم أجمل بلاد الدنيا، وأنها أم الدنيا وأبوها وستها وجدها أيضاً•• يصرّون على أنها بلد المليون ونصف المليون شهيد، مع أن أغلب هذا العدد من الشهداء أسماء نكرة في الجزائر، وأُكلت حقوقهم، و/بهدلوا/ في الحياة، وتحول حتى أبناؤهم إلى شهداء اللامبالاة قبل أن يموتوا•• يصرون أيضاً على أن الشعب الجزائري شعب كريم وبسيط ومتخلق ومتدين، وأن كاتبة مثلي حين تتحدث عن سلبيات الجزائري فهي تفتري عليه• وصلت إلى الجزائر منذ أسبوع، وفي اليوم الثاني من وصولي نبّهت زوجي إلى أن السرقات كثيرة هنا، وأن في كل شارع على الأقل هناك عشرة لصوص يتربّصون بضحية ما••
زوجي اللبناني الذي عاش حرب لبنان كاملة، ويعيش حالياً حرب العراق بحكم عمله في بغداد، ظن أنه قادر على أمره وأن كلامي فيه مبالغة كبيرة، خاصة حين يلتقي ببعض الدبلوماسيين الجزائريين الذين يوبخونني على نقمتي على الوضع في الجزائر، ويصفون الجزائر بأنها جنة على الأرض، وأن الجزائريين ملائكة•• وكنت أضحك أحياناً وأقول إن الجزائر فعلاً جنة والجزائريين ملائكة ولكن أغلبهم خلق من نار•
لأول مرة أقول هذا الكلام علناً•• حين رأيت زوجي يعود إلى البيت مشوَّها ودماؤه تسيل، وقد جُرِّد من ماله وهاتفه الجوّال وهو يعود ليلاً إلى البيت•
في الحقيقة غضبت منه؛ لأنه كذّبني وصدّق دبلوماسياً يبيِّض /طناجر/ النظام، وغضبت من أهل بلادي؛ لأنني عشت في بيروت 13 سنة على أكوام من الأسلحة وقنابل الـ/آر بي جي/ والمدفعيات ولم أسمع يوماً أن شخصاً نشل على الطريق بهذه الطريقة، أو أنه قتل من أجل هاتف جوال•
بالطبع تعاطف معي جيراني هنا، أبدوا أسفهم الكبير على ما حدث لزوجي، الذي تعلم درساً قاسياً وقرر عدم المجيء معي مرة أخرى•• قال إن عطلة في /الفلوجة/ ستكون أكثر متعة من عطلة في الجزائر••
نعم إنها بلادي، وجذوري التي تمتد في أرضها ازدادت متانة مع سنوات الغربة، لكن ما الحل أمام هذه الظاهرة التي يغض النظام نظره عنها؟
لقد قضت الدولة على الإرهاب، وتحاول فتح أبواب الاستثمار للشركات الخليجية والأجنبية، ولكن هل يمكن أن نوفر الحماية لهذا الغريب قبل أن يقوم معه /زعران/ البلد بالواجب؟!
أتساءل وأنا لا أمَلَ لي فعلاً في كل هذه /المجموعة الصوتية/
التي تبيعنا مزيداً من الكلام وتدّعي أنها حكومة تسيّر البلاد•
إذ يكفي أن وزير التربية والتعليم أصبحت له جذور على كرسي الوزارة وأصبح صعباً اقتلاعه لأسباب يعلمها الله وحده، رغم أن المنظومة المدرسية فشلت فشلاً ذريعاً وأعطت أجيالاً من الأميين وأشباه الأميين، كما فشلت المدرسة الجزائرية تماماً في تخريج تلاميذ لهم أخلاق•• فعلاً إنهم أطفال، ولكني بمزحة أؤوِّلها بمعنى آخر فأقول إن الأطفال في الجزائر أطفال حجارة، ألعابهم عنيفة، مصطلحات اللعب عندهم عنيفة، طفولتهم مشوهة بشكل مخيف••
وغير ذلك•• سأنشر غسيلنا الوسخ في كل إعلام العالم حتى يتغير الوضع في الجزائر•• نريد بلداً يرفع رؤوسنا عالياً، ولا ينكسها كأننا جميعنا مجرمون وقطّاع طرق.
*نقلا عن ملحق جريدة “الجزائر نيوز الثقافي (الأثر)” الجزائرية