الأزمة المالية تتعاظم ككرة ثلج وأسهم البورصات تتداعى
زعماء العالم يهرعون للجم الانهيار بعد خسائر فادحة للأسواق
شهدت “وول ستريت” أمس يوماً استثنائياً بالغ التوتر بانخفاض مؤشر “داو جونز” الرئيسي في بورصة نيويورك نحو 800 نقطة، قبل أن يتعافى قليلاً ويحدّ من خسائره الى 370 نقطة ليقفل للمرة الأولى منذ نحو أربع سنوات دون حاجز عشرة آلاف نقطة عند مستوى 9955,50 نقطة، بعدما كانت البورصات الأوروبية والآسيوية والعربية هوت بحدة متأثرة بتداعي ثقة المستثمرين بإمكان تطبيق خطة الإنقاذ المالي الأميركية البالغة قيمتها 700 مليار دولار سريعاً وبتوصل الزعماء الأوروبيين الى اتفاق على تنسيق جهودهم لوقف تدحرج كرة الثلج المتعاظمة في أخطر أزمة ائتمانية يواجهها العالم منذ الركود الكبير في الثلاثينات من القرن الماضي. (العرب والعالم)
وتهاوت الأسهم في الولايات المتحدة وأوروبا وآسيا دافعة المستثمرين الى الملاذات الأكثر أماناً في السندات الأميركية.
وانحدر مؤشر “داو جونز” بصورة دراماتيكية خلال التعاملات ليخسر 800,06 نقطة، أي نحو ثمانية في المئة، قبل أن يقلص
خسائره الى 369,88 نقطة ويقفل عند 9955,50 نقطة، هابطاً الى ما دون عشرة آلاف نقطة للمرة الأولى منذ 29 تشرين الأول 2004.
وأدى انخفاض هذا المؤشر الى مضاعفة الخسائر الفادحة أصلاً في أوروبا، اذا كانت أسواق لندن وباريس وفرانكفورت سجلت خسائر تراوح بين 7 و9 في المئة، علماً أن سوق موسكو خسرت نحو 20 في المئة.
وفي سوق لندن، انخفض مؤشر “فوتسي 100” بنسبة 7,85 في المئة ليسجل 4589,19 نقطة. وفي باريس، أقفل مؤشر “كاك 40” في باريس جلسات التداول على تدهور بنسبة 9,04 في المئة، وهو الأكبر خلال جلسات التعامل منذ بدء العمل به عام 1988. ومنيت السوق الروسية بأسوأ خسائرها في يوم واحد إذ اقفلت على خسارة 19,10 في المئة.
كما أقفلت الأسواق الآسيوية على خسائر فادحة. وتهاوت الأسهم الخليجية وتقلصت الائتمانات المتاحة مع تنامي المخاوف من تأثير الأزمة المالية في أوروبا والولايات المتحدة على أسواق شبه الجزيرة العربية.
وهوت عقود الخام الأميركي لتستقر عند أدنى مستوى في ثمانية أشهر. وتراجعت عقود الخام لشهر تشرين الثاني في نيويورك 6,07 دولارات لتستقر عند 87,81 دولاراً البرميل.
وإزاء تعاظم الأزمة، قال رئيس البنك الدولي روبرت زوليك إن مجموعة السبع للدول الصناعية الكبرى لم تعد فعالة وينبغي إبدالها بمجموعة توجيه تضم قوى اقتصادية صاعدة جديدة مثل الصين والهند والبرازيل وجنوب افريقيا والسعودية وروسيا. ورأى أن الأزمة المالية الأميركية “جرس انذار” وتظهر الحاجة الى مزيد من التعاون عبر الحدود بين مجموعة أكبر من البلدان.
وأكدت الولايات المتحدة ان وزراء المال وحكام المصارف المركزية في مجموعة السبع سيجتمعون الجمعة المقبل في واشنطن قبل اجتماعات الخريف لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي.
ويعقد هذا الاجتماع لوزراء المال في المانيا وكندا والولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وايطاليا واليابان.
وقال الرئيس الأميركي جورج بوش إن الخطة الأميركية للإنقاذ المالي تتطلب وقتاً هي تحدث تأثيراً على النظام المالي في الولايات المتحدة، ولكن على المدى الطويل سيكون الاقتصاد الأميركي “على ما يرام”.
وأكدت الدول الـ27 الأعضاء في الإتحاد الأوروبي في بيان مشترك أصدرته في كل عواصمها أنها “ستتخذ كل الإجراءات اللازمة لضمان استقرار النظام المالي”. غير أن هذا الإلتزام الأوروبي لم يرق الى حد تنسيق جهود هذه الدول لمواجهة الأزمة.
(أ ب، رويترز، و ص ف)
الاقتصاد العالمي مهدّد بالكساد تدهــور شـامـل للبـورصات الكـبـرى … وخسـائر خليجـيـة فـادحـة
البنك الدولي ينعى مجموعة السبع ويدعو لضم الصين والهند والسعودية
بدا امس ان العالم كله دخل في نفق اقتصادي مظلم، عندما هز زلزال مالي عنيف البورصات العالمية من طوكيو وهونغ كونغ الى نيويورك مرورا بالاسواق الاوروبية والخليجية التي شهدت يوما اسود لم تعرفه منذ سنوات، في مؤشر على ان الازمة المالية الكبرى التي بدأت في اميركا الشهر الماضي خرجت عن السيطرة ولم تنفع خطة الرئيس جورج بوش في كبح جماحها، كما لم تثمر الاجراءات الاحترازية التي اتخذتها الدول الاقتصادية الكبرى في آسيا او اوروبا، والتي اوحت بان النظام المالي العالمي مهدد بالسقوط، كما ان الاقتصاد العالمي مهدد بكساد قد يمتد نحو عامين.
في هذا الوقت اعلن رئيس البنك الدولي روبرت زوليك أن مجموعة الدول السبع الصناعية الكبرى »لم تعد فعالة« وينبغي إبدالها بـ»مجموعة توجيه« تضم قوى اقتصادية صاعدة مثل الصين والهند والبرازيل والسعودية وروسيا. وقال زوليك، إن الأزمة المالية الأميركية »جرس إنذار« وتظهر الحاجة إلى مزيد من التعاون عبر الحدود بين مجموعة أكبر من البلدان. وأضاف »ينبغي للتعددية الجديدة، التي تناسب أيامنا، أن تكون شبكة مرنة، وليست نظاما ثابتا أو مركزيا«، مشيراً إلى أنّ«النظام العالمي الجديد ينبغي أن يحترم سيادة الدول لكنه يتطلب »شعورا بالمسؤولية المشتركة«.
من جهته، حذر مدير صندوق النقد الدولي دومينيك شتراوس كان من أنّ توقعات الصندوق الاقتصادية تشير إلى تباطؤ ملموس في معدلات النمو الاقتصادي بسبب الأزمة، موضحاً أنه لا يتفق مع الرأي الذي يقول إنّ الأزمة ستؤثر فقط على دول الشمال، حيث إنّ دول الجنوب لن تكون بعيدة عن آثارها.
أمّا البابا بندكت السادس عشر فاستغل الأزمة العالمية للتأكيد على عدم قيمة المال. وقال، خلال افتتاحه أعمال سينودوس الأساقفة الكاثوليك، »إننا نرى في انهيار المصارف العالمية أن المال يختفي، وأنه عديم القيمة، وكل هذه الأمور التي تبدو أساسية ليست هي في الحقيقة إلا أمورا ثانوية«.
الأسواق
في اليوم الأول من التعاملات المالية بعد إقرار الكونغرس الأميركي خطة الإنقاذ المالي يوم الجمعة الماضي، تراجع مؤشر »داو جونز« الصناعي لأسهم الشركات الأميركية إلى ما دون العشرة آلاف نقطة، منخفضاً بنسبة ٣,١١ في المئة، وذلك للمرة الأولى منذ تشرين الأول العام ،٢٠٠٤ فيما خسر مؤشرا »ستاندرد أند بورز« الأوسع نطاقاً ٣٢,٤٢ نقطة (٣,٨٥ في المئة)، و»ناسداك« لأسهم شركات التكنولوجيا ١٢,٧٨ نقطة (٤,٠١ في المئة).
وعزا المحللون في البورصات سبب هذا التدهور إلى المخاوف بشأن استقرار المؤسسات المالية العالمية، بعد اتساع نطاق تداعيات الأزمة الائتمانية إلى المصارف الأوروبية.
كذلك تراجعت الأسهم الأوروبية بنسبة سبعة في المئة، لتبلغ أدنى مستوياتها في أربع سنوات، متأثرة بتراجع أسهم المصارف والطاقة وانخفاض مؤشرات »وول ستريت«، فيما اقفل مؤشر »كاك ٤٠« في بورصة باريس على تدهور بنسبة ٩,٠٤ في المئة، هو الأكبر منذ بدء العمل به في العام ،١٩٨٨ في حين تراجع مؤشر »يوروفرست« الرئيسي للأسهم الأوروبية الكبرى بنسبة ٦,٨ في المئة، وذلك للمرة الأولى منذ أربع سنوات.
وامتدت هذه الموجة إلى أسواق آسيا، حيث انخفضت الأسهم في تايوان أكثر من ٤ في المئة، فيما تراجع مؤشر »نيكاي« الياباني ٤٦٥,٠٥ نقطة (٤,٢٥ في المئة) في أدنى مستوى له منذ خمس سنوات.
وعلى غرار أسواق المال العالمية، تراجعت البورصة السعودية بنسبة ٩,٨١ في المئة، حيث انخفضت بشكل خاص أسهم المصارف، مدفوعة بضعف النتائج في ما يتعلق بالنمو والأرباح، والمخاوف من تعرّض سوق المال السعودية لتداعيات الأزمة العالمية الآخذة في الاتساع.
وجاء رد المستثمرين على ذلك قوياً، حيث دفعوا أسهم أكبر مصرفين في المملكة، وهما »الراجحي« و»سامبا«، على التراجع بنحو عشرة في المئة، وهو الحد الأقصى للانخفاض المسموح به في البورصة السعودية.
كذلك، واصلت بقية الأسواق الخليجية التراجع الذي بدأ، أمس الأول، مع استئناف التداول بعد عطلة عيد الفطر، حيث تراجعت بورصة الكويت، ثاني اكبر بورصة في العالم العربي بعد السعودية، إلى ما دون ١٢ ألف نقطة للمرة الأولى منذ ١٥ شهرا، بحيث خسرت ٤,٣ في المئة، فيما انخفضت بورصة دبي بنسبة ٧,٦ المئة لتبلغ أدنى مستوى لها منذ أكثر من ١٨ شهراً، ما رفع خسائرها إلى ١٤ في المئة خلال يومين، في حين أنهت بورصة أبو ظبي تداولاتها على تراجع بنسبة ٥,٦ في المئة، ما رفع خسائرها إلى عشرة في المئة خلال اليومين الماضيين.
وأرغم هذا الانهيار العالمي بورصة ساو باولو البرازيلية، كبرى بورصات أميركا الجنوبية، على تعليق تعاملاتها بعد انخفاض مؤشراتها بأكثر من ١٠ في المئة، وذلك بعد دقائق من افتتاح التعاملات، فيما اتخذت بورصتا »ميسيكس« و»ار تي أس« الروسيتان قراراً مشابهاً بعد تهاوي أسهمهما بحوالى ١٦في المئة.
وفيما تسعى الدول الأوروبية إلى طمأنة المودعين والمستثمرين، ذكرت مصادر حكومية إيطالية أنّ القادة الأوروبيين يتباحثون حالياً في صياغة إعلان مشترك من أجل دعم الأسواق، في وقت أكد فيه الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي أنّ الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي »ستتخذ كل الإجراءات اللازمة لضمان استقرار النظام المالي، سواء عبر ضخ السيولة من المصارف المركزية، أو عبر إجراءات محددة الأهداف تتعلق ببعض المصارف، أو من خلال تدابير معززة لحماية الودائع«.
بدوره، تعهد وزير الخزانة البريطاني أليستر دارلينغ باتخاذ كل ما هو ضروري للحفاظ على استقرار الاقتصاد، فيما انضمت السويد والدنمارك إلى المجموعة المتنامية من الدول الأوروبية التي زادت من الضمانات الحكومية للودائع المصرفية، حيث أعلنت استوكهولم مضاعفة الضمانات الحكومية إلى ٥٠٠ الف كرون (٧٠ الف دولار) للودائع في مصارفها، في حين اتفقت الحكومة الدنماركية والمصارف الخاصة على تأسيس صندوق لحماية المدخرات.
من جهته، أكد الرئيس الأميركي جورج بوش أن الهدف من خطة الإنقاذ التي اقرها الكونغرس الأسبوع الماضي هو »توفير الائتمان وتحريك الأموال«، لكنه أوضح أنّ »الأمر سيستغرق بعض الوقت«.
وتوقع نائب رئيس مجلس إدارة مصرف »ميريل لينش« ريتشارد ماكورماك أنّ تستمر الأزمة ما بين ١٨ شهراً وعامين، مشيراً إلى احتمال هبوط أسعار السلع الأولية مع تراجع الطلب.
وفي كاراكاس، أعلن الرئيس الفنزويلي هوغو تشافيز أنّ بلاده تعمل على تأسيس »نظام مالي خاص« بالتعاون مع »حلفائها«، وعلى رأسهم روسيا وبيلاروسيا وإيران والصين، وذلك بإشراف الرئيس الكوبي السابق فيدل كاسترو. وأوضح أنّ هذه البنية المالية ترمي إلى حماية البلاد من الأزمة المالية العالمية، مطمئناً الى أن فنزويلا بمنأى عمّا يحدث في الأسواق، وذلك بسبب ابتعاد حكومتها »الثورية« منذ سنوات عن النظام الرأسمالي »المنحرف«.
(»السفير«، أ ف ب، رويترز،
أب، د ب أ، أ ش أ، يو بي آي)
حمى أزمة السيولة تبخر مليارات الدولارات من أسواق المال
أجواء قاتمة تخيّم على البورصات الأميركية والأوروبية والعربية
غرقت “وول ستريت” في ركود أعمق مع انحدار مؤشرها الرئيسي قرابة 500 نقطة عند الاقفال، لتحلق بانهيارات سبقتها اليها أسواق مالية أخرى عبر أوروبا وآسيا والخليج العربي، على رغم المساعي المحمومة من الزعماء والحكومات والسلطات النقدية في العالم، بلا رجاء حتى أمس، لإعادة الإستقرار والهدوء وسط أزمة ائتمانية طاحنة تتبخر معها مئات المليارات من الدولارات من السيولة.
وبحث الرئيس الأميركي جورج بوش في الأزمة المالية العالمية مع الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ورئيسي الوزراء البريطاني غوردون براون والإيطالي سيلفيو برلوسكوني.
واتخذ وزراء المال في الدول الـ27 للإتحاد الأوروبي أول اجراء عملي مشترك، اذ اتفقوا على زيادة الحد الأدنى من الإدخار الفردي الى 50 ألف أورو. ومضت بعض الدول أبعد من ذلك، فرفعت اسبانيا وبلجيكا واليونان وهولندا والنمسا قيمة الودائع المضمونة الى مئة ألف أورو.
وعلى رغم هذه المساعي، استمر التخوف مخيماً. وزاد الأجواء قتامة تصريح رئيس مجلس الإحتياط الفيديرالي بن بيرنانكي بأن “المخاطر التي تحدق بالنمو ازدادت”، متوقعاً أن “يكون النشاط الاقتصادي ضعيفاً حتى نهاية السنة وما بعد”، مما يعني أن الأزمة ستستمر على الأقل حتى سنة 2009، على رغم خطة الإنقاذ الأميركية البالغة قيمتها 700 مليار دولار، وغيرها من الإجراءات القاسية، وآخرها اعلان الإحتياط الفيديرالي أنه سيشتري سندات خزينة للسماح للمؤسسات بضمان حاجاتها غير المتوقعة من السيولة.
وساهم هذا الإعلان في دعم الأسواق المالية التي كانت تشهد تقلبات قوية غداة “الإثنين الأسود” أول من أمس في بورصات العالم، في ظل تضارب التصريحات والشائعات عن قيم السندات المصرفية التي ظلّ الكثير منها خاضعا لضغوط قوية تدفعه الى التراجع.
غير أن بورصة نيويورك للأوراق المالية واصلت تدهورها، فتراجع مؤشر “داو جونز” بنسبة خمسة في المئة متراجعاً 508 نقاط ليستقر على 9447 نقطة، علماً أنه كان تراجع 370 نقطة أول من أمس أيضاً. كذلك انحدر مؤشر “ستاندارد أند بورز” بنسبة 5,73 في المئة وهوى مؤشر “ناسداك” بنسبة 5,80 في المئة.
وفي لندن، سيطرت أجواء من الذعر على معظم المصارف البريطانية الكبرى ومنها “رويال بنك أوف سكوتلاند”. ونفى مصرفا “باركليز” و”رويال بنك أوف سكوتلاند” معلومات بثتها هيئة الاذاعة البريطانية “بي بي سي” عن أنهما طلبا عملية إعادة رسملة خلال اجتماع للمصرفين وشركة “لويدز تي أس بي” مع وزير الخزانة اليستير دارلينغ.
واضطرت مصارف أوروبية الى نفي أي حاجة الى رساميل، بعدما تراجع “بنك أوف أميركا” بنسبة 13,87 في المئة إثر اعلان زيادة راس ماله عشرة مليارات دولار. وأكد “دويتشه بنك” أنه لا ينوي زيادة رأس ماله، نافياً شائعات أدت الى هبوط أسهمه. واكدت باريس تعهدها منع افلاس أي مصرف، وقال رئيس الوزراء فرنسوا فيون: “قررنا ضمان استمرارية النظام المصرفي الفرنسي كاملاً”.
وخارج الإتحاد الأوروبي، أعلنت ايسلندا تأميم مصرف “لاندبانكسي” بعدما أممت مصرف “غليتنير”.
وشهدت آسيا جلسات تداول مضطربة. وأقفلت بورصة طوكيو على تراجع بنسبة 3,03 في المئة. وعمت أجواء الذعر الأسواق المالية العربية، فاقفلت سوق المال السعودية على تراجع بنسبة 7 في المئة وتراجع المؤشر الرئيسي في البورصة المصرية “كاس 30” بنسبة 16,47 في المئة.
الأزمة العالمية لم تبلغ ذروتها … والخسائر متواصلة في أميركا وأوروبا
مليارات الدولارات تتبخر من البورصات العربية
تبخرت مليارات الدولارات من قيمة الأسهم المدرجة في البورصات العربية، المصرية والخليجية خاصة، التي شهدت امس واحدا من اسوأ انهياراتها منذ سنوات، على وقع هلع المستثمرين في خضم الأزمة المالية العالمية، التي فشلت الاجراءات الحكومية الاميركية والاوروبية الطارئة في كبح جماحها، وسط تقديرات صندوق النقد ان الازمة لم تبلغ ذروتها بعد.
وخسرت الأسواق المالية في دول مجلس التعاون الخليجي حوالى ١٥٠ مليار دولار في الأيام الثلاثة الأخيرة من التداول. كذلك، تراجعت البورصة المصرية، وسط جو من الذعر، حيث انخفض مؤشرها الرئيسي »كاس ٣٠« بنسبة ١٦,٤٧ في المئة، ليبلغ ٥٨٩٠ نقطة، وهو أدنى مستوى له منذ عامين، فيما أوقف التعامل على بعض الأسهم بعد انخفاض تراوح بين ٣٠ إلى ٦٥ في المئة.
واستمرت سوق الأسهم السعودية في التراجع ٤٧٢,٨٨ نقطة (٧,٠٣ في المئة)، لتسجل بذلك أدنى إقفال للمؤشر منذ أكثر من ٤ سنوات، وسط غياب شبه كامل
للمشترين وسيطرة عمليات البيع. وفي محاولة لاحتواء الموقف، أعلنت جميع المصارف السعودية تقريبا أنها غير ضالعة بأي شكل من الأشكال في أزمة الرهن العقاري، لكن هذه البيانات فشلت على ما يبدو في إزالة الشعور السلبي لدى المستثمرين.
وسجلت سوق مسقط واحداً من اكبر تراجعاتها خلال العام الحالي (٧,٣ في المئة)، فيما واصلت الأسواق الإماراتية نزف النقاط، حيث انخفض مؤشر سوق دبي بنسبة ٥,١٤ في المئة، في أدنى مستوى له منذ سنتين، فيما أقفلت سوق ابو ظبي على انخفاض بنسبة ٦,٤ في المئة.
كما انخفضت بورصة الكويت، ثاني اكبر سوق مالية عربية، بنسبة ٢,٦ في المئة ليبلغ مؤشرها مستواه الأدنى منذ ١٦ شهرا، وذلك بعد رفض الحكومة مطالب النواب في مجلس الأمة للتدخل في السوق، في حين انخفض مؤشر الدوحة بنسبة ١,٥٥ في المئة.
وفي الولايات المتحدة، أعلن الاحتياطي الفدرالي أنه سيشتري سندات خزينة للسماح للمؤسسات بضمان حاجاتها غير المتوقعة من السيولة لتحريك السوق.
غير أنّ بورصة »وول ستريت« واصلت رغم ذلك تدهورها، حيث تراجع مؤشر »داو جونز« بنسبة ٣,١٦ في المئة ومؤشر »ناسداك« بنسبة ٣,٥٦ في المئة.
وفي السياق، حذر صندوق النقد الدولي من أن خسائر القطاع المالي في الولايات المتحدة يمكن أن تبلغ ١,٤ تريليون دولار، مشيراً إلى أنّ أزمة القطاع العقاري، التي تحتل مركز الاضطراب، لم تصل بعد إلى ذروتها.
وفي محاولة لطمأنة الأسواق، جددت السلطات الفرنسية التزامها بمنع حدوث أي إفلاس في المصارف الفرنسية.
إلى ذلك، اتفق وزراء مالية دول الاتحاد الأوروبي على رفع مستوى ضمانات الودائع إلى ٥٠ ألف يورو (٦٧٩٣٠ دولارا) بالمقارنة مع ٢٠ ألف يورو في ظل القواعد الحالية، فيما أعلن الرئيس الروسي ديميتري ميدفيديف أن السلطات الروسية ستقدم للمصارف قروضا بـ٩٥٠ مليار روبل (٣٦,٣ مليار دولار) لفترة لا تقل عن خمس سنوات.
كذلك، أعلن المصرف المركزي الإسرائيلي تخفيض نسبة الفائدة الرئيسية من ٤,٢٥ إلى ٣,٧٥ في المئة، اعتبارا من ١٢ تشرين الأول الحالي.
(رويترز، أ ف ب، أب،
د ب أ، أ ش أ، يو بي آي)
االركود العالمي على الأبواب … وخسائر الخليج ١٨٠ مليار دولار
لمصارف الكبرى تخفض الفائدة والأسواق لا تستجيب … وبريطانيا تعتمد التأميم
دقائق من الانتعاش فقط، عاشتها الاسواق العالمية امس، لتواصل بعدها خسائر أصبحت بمثابة خط بياني يومي، خاصة في دول الخليج التي أضافت خلال ساعات حوالى ٣٠ مليار دولار الى خسائرها، وذلك رغم الخطوة غير المسبوقة التي قامت بها مصارف مركزية عالمية إذ قررت خفض معدلات فائدتها الرئيسية، في وقت اختارت بريطانيا تأميم أكبر ثمانية مصارف لديها، فيما حذر صندوق النقد الدولي من ان العالم يقبع على حافة ركود يقوده الاقتصاد الاميركي، الذي يستعد للدخول في مرحلة الانكماش.
وجاء في بيان أصدره المصرف المركزي البريطاني، ان »الضغوط التضخمية بدأت تنخفض في عدد من البلدان«، وبناء على ذلك »فقد أصبح من الممكن تخفيف الشروط المالية العالمية بعض الشيء«، وبالتالي »يعلن كل من المصرف المركزي الكندي، والمصرف المركزي البريطاني، والمصرف المركزي الأوروبي، والمصرف المركزي الاميركي، والمصرف المركزي السويدي والمصرف المركزي السويسري عن خفض معدلات الفائدة« بواقع نصف نقطة مئوية. وقد أعلنت المصارف المركزية في الصين والإمارات والكويت أيضا عن خفض معدل الفائدة الرئيسية.
ويعود آخر تحرك مماثل منسق الى العام ٢٠٠١ بعد اعتداءات ١١ أيلول، غير ان الخطوة التي اتخذت آنذاك كانت اقل حجما. وقد سارع الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الى إبداء ارتياحه للمبادرة، فيما قال الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف في ايفيان في فرنسا، ان الازمة هي نتاج »الغرور الاقتصادي لبعض الدول«. كما اعتبر البيت الأبيض ان الخطوة »مهمة ومفيدة«، رغم ان خبراء الاقتصاد اجمعوا على ان المبادرة لا تملك الا »تأثيرا نفسيا«.
في موازاة ذلك، اعلنت الحكومة البريطانية عن خطة تصل الى ٥٠٠ مليار جنيه (٨٧٥ مليار دولار) ستؤدي الى تأميم أكبر ثمانية مصارف بريطانية بينها »اتش اس بي سي« و»رويال بنك اوف سكوتلاند« و«ستاندرد تشارترد«. ودعا رئيس الوزراء البريطاني غوردون براون الى وضع »خطة تمويل أوروبية« للمساعدة على التخفيف من الأزمة المالية العالمية. كما أعلن بشكل مفاجئ عن نية حكومته مقاضاة السلطات في ايسلاندا، التي تقبع مصارفها على حافة الإفلاس، من اجل تعويض عائدات لحوالى ٣٠٠ ألف حساب يملكها بريطانيون في »آيس سيف انترنت بنك«.
وعلى اثر صدور الإعلان عن تخفيض الفائدة، شهدت البورصات العالمية فترة انتعاش. لكن بعد اقل من ساعتين، عاد التشاؤم الى البورصات، فتراجع مؤشر »داكس« في سوق فرانكفورت ومؤشر »كاك ـ ٤٠« في باريس ومؤشر »فوتسي« في لندن ومؤشر »بيل – ٢٠« في بروكسل، لتقترب الأسهم الأوروبية من أدنى مستويات لها في خمسة أعوام.
وفيما واصلت الأسهم الآسيوية أيضا هبوطها، شهدت وول ستريت تراجعا إضافيا، وسجل مؤشر داو جونز مثلا تراجعا بلغ ٢٠٠ نقطة، بينما أعلن وزير المالية الاميركية هنري بولسون ان »مؤسسات مالية أخرى ينتظر ان تشهر إفلاسها«. وواصل الدولار هبوطه أمام العملات الرئيسية، وارتفع سعر صرف اليورو مجددا ليتجاوز عتبة ١,٣٧ دولار.
وقد أعلن مدير مكتب الميزانية في الكونغرس الاميركي بيتر اورسزاغ، ان الصناديق التقاعدية الاميركية خسرت نحو ترليوني دولار من قيمتها خلال الأشهر الـ١٥ الاخيرة. واوضح ان »البعض سيضطرون الى تأجيل تقاعدهم.. وقد يقرر من اقترب تقاعدهم انه لم يعد بإمكانهم من الناحية المادية التقاعد وسيواصلون العمل«.
وهوت أسعار النفط أكثر من ثلاثة دولارات، ليبلغ سعر الخام الاميركي ٨٧ دولارا للبرميل، ومزيج برنت ٨٢ دولارا، بعدما أظهرت بيانات للحكومة الأميركية ان مخزونات الخام سجلت زيادة كبيرة مع
تراجع كبير للطلب على النفط في الولايات المتحدة، الأمر الذي عزز التنبؤات بأن الركود الاقتصادي سيضعف استهلاك الوقود. وحذرت منظمة »اوبك« من انها ستعمد الى خفض إنتاجها في حال هبطت الأسعار عن عتبة الـ٨٠ دولارا، بينما سرت أنباء بأن المنظمة ستجتمع في ١٨ الشهر المقبل على ضوء الازمة المالية.
١٨٠ مليارا خسائر الخليج
وواصلت أسواق المال في دول الخليج تراجعها. الا ان السوق السعودية، وهي الأكبر في العالم العربي، نجحت في تعويض قسم كبير من خسائرها قبيل الإغلاق. وقد خسرت الأسواق المالية الخليجية حوالى ٣٠ مليار دولار من قيمتها السوقية وارتفعت خسائرها هذا الأسبوع الى حوالى ١٨٠ مليار دولار. وبلغت القيمة السوقية للأسواق الخليجية حوالى ٧٣٠ مليار دولار.
وانخفضت السوق السعودية في بداية التعاملات بنسبة تجاوزت ٨ في المئة للمرة الاولى من أكثر من ٥٢ شهرا، الا ان الأسهم ارتفعت بقوة قبيل نهاية التداولات وقلصت الخسائر الى ١,٤٩ في المئة. وفي دبي، أغلقت السوق المالية على تراجع بنسبة ،٨,٤٣ بينما أغلقت البورصة الكويتية على انخفاض بنسبة ،١,٤ وانخفض مؤشر السوق في الدوحة بنسبة ٨,٧٧ مسجلا اكبر خسارة له في يوم واحد منذ سنوات. وأغلق مؤشر أبو ظبي على انخفاض بنسبة ٦,٤٣ في المئة، فيما انخفض مؤشر سوق مسقط بنسبة ٧,٢ في المئة، والمؤشر الرئيسي للأسهم في البحرين ٢,٧ في المئة.
وهبطت أيضا المؤشرات الرئيسية للبورصة المصرية للجلسة الثانية على التوالي، لكن مؤشر »كاس ٣٠« الرئيسي والذي هوى أكثر من ١٦ في المئة امس الأول، قلص بعض خسائره، فأغلق منخفضا ٧,٠٩ في المئة، بعدما افتتح تعاملاته منخفضا ١١ في المئة. وفي تعليق جوهري للحكومة، اعتبرت وزارة التجارة والصناعة ان انخفاضات أسعار الأسهم المصرية في الآونة الاخيرة »غير مبررة« وان لدى المصارف المصرية وفرة في السيولة.
الركود العالمي.. أقرب
في هذا الوقت، قلل صندوق النقد الدولي في تقريره »نظرة على الاقتصاد العالمي«، من توقعات نمو الاقتصاد الاميركي بشكل كبير، حيث رأى ان نمو إجمالي الناتج المحلي لعام ٢٠٠٨ لن يتعدى ١,٦ في المئة، اما في العام ٢٠٠٩ فقد يحقق نموا ايجابيا لا يتعدى ٠,١ في المئة. ويتوقع الصندوق انكماش النشاط الاقتصادي الاميركي خلال الربعين الثالث والرابع من العام ،٢٠٠٨ والربع الأول من العام .٢٠٠٩
وأشار التقرير الى ان »الاقتصاد العالمي لن يعود قادرا على تحقيق نمو الا في عام ٢٠١٠«، معتبرا ان »الركود يبدو الآن أكثر ترجيحا«. وقال كبير الاقتصاديين في صندوق النقد أوليفيه بلانشار، إن التحرك المنسق لخفض الفائدة »خطوة في الاتجاه الصحيح« لكن الأمر قد يتطلب خطوات أخرى. وأضاف ان السياسة النقدية ليست الا جزءا من الحل، ومن الضروري اتخاذ إجراءات أخرى لمعالجة مشاكل القطاع المالي، خاصة في أوروبا.
وحول الشرق الأوسط، ذكر صندوق النقد الدولي ان المنطقة تفادت آثار أزمة الائتمان العالمية لكنها لا تزال تعاني من مشكلات تنبع من اقتصاديات داخلية محمومة وأسعار صرف اقل من قيمتها الحقيقية. ويتوقع الصندوق ان يتراجع النمو الاقتصادي في المنطقة بقدر ضئيل فحسب الى ٥,٩ في المئة العام المقبل من ٦,٤ في المئة في ٢٠٠٨ مع تلقي النشاط الاقتصادي دعما من القطاعات غير النفطية المزدهرة مثل الإنشاءات والنقل والخدمات المالية. (أ ب، أ ف ب، رويترز)
خفض الفائدة لم يوقف نزف الاسهم
شهدت أسواق المال تقلبات حادة لتنهي يوماً آخر أمس بخسائر فادحة على رغم اتخاذ المصارف المركزية الرئيسية في العالم خطوة منسقة نادرة بخفض أسعار الفائدة نصف نقطة، في ظل استمرار هلع المستثمرين من امكان حصول انكماش في اقتصاد الولايات المتحدة يمكن أن يتسع ليتحول انهياراً اقتصادياً عالمياً.
ولم تكن خطوة خفض معدلات الفوائد بنسبة نصف في المئة، التي قادها الإحتياط الفيديرالي والمصارف المركزية الرئيسية الأخرى في الإتحاد الأوروبي وبريطانيا والصين وكندا وأسوج وسويسرا، كافية لكبح التدهور المطرد لأسعار الأسهم في البورصات الأميركية والأوروبية والآسيوية والعربية.
وتوقع وزير الخزانة الأميركي هنري بولسون أن تفلس مؤسسات مالية أخرى على رغم خطة الإنقاذ الأميركية البالغة قيمتها 700 مليار دولار. وقال: “علينا أن نعترف بأمر واحد هو أنه على رغم الصلاحيات الجديدة التي أعطيت لوزارة الخزانة، يتوقع أن تشهر بعض المؤسسات المالية افلاسها”.
وواصلت أسواق المال العالمية تراجعاتها بعد يوم حافل بالخضات والتقلبات الحادة نتيجة الخوف من ألا ينجح اعلان المصارف المركزية في تخفيف وطأة الأزمة المالية.
وتقلبت سوق “وول ستريت” للأوراق المالية بصورة حادة لتقفل على انخفاض مؤشر “داو جونز” بنسبة 2,14 في المئة نزولاً الى 9245,20 نقطة. وسجل مؤشر “ناسداك” تراجعاً بنسبة 0,83 في المئة الى 1740,33. أما مؤشر “ستاندارد أند بورز 500” فقد سجل انخفاضاً من 12,19 نقطة الى 984,04 نقطة.
وأقفلت بورصة باريس مسجلة تراجعاً إضافياً إذ انخفض مؤشر “كاك 40” بنسبة 6,39 في المئة الى 34936,70 نقطة في ختام جلسة شديدة التوتر. وفي فرانكفورت، اقفل مؤشر “داكس” الرئيسي بتراجع نسبته 5,88 في المئة الى 5013,62 نقطة. وأقفلت بورصة لندن مسجلة تراجعاً كبيراً لمؤشر “فوتسي 100” الرئيسي بنسبة 5,18 في المئة الى 4366,69 نقطة. وانخفض مؤشر سوق موسكو للأوراق المالية بنسبة 13 في المئة. وتراجع مؤشر “نيكاي” في طوكيو بنسبة 9,38 في المئة عند الاقفال ليخسر 952,58 نقطة ويبلغ 9203,32 نقطة في اسوأ انخفاض تسجله سوق طوكيو منذ “الإثنين الأسود” عام 1987.
وتراجعت بورصات دول الخليج العربية. وتراجع المؤشر الرئيسي للبورصة المصرية “كيس 30” بنسبة 7,1 في المئة عند الاقفال لليوم الثاني على التوالي.
وهوت أسعار النفط ليصل سعر العقود الآجلة للخام الأميركي الى 87,70 دولاراً البرميل، علماً أنه كان انخفض قبل ذلك الى أدنى مستوى له في عشرة أشهر. وانخفض مزيج برنت لنفط القياس الأوروبي ليصل الى 82,96 دولاراً البرميل.
في المقابل، ارتفع سعر الذهب بنسبة زهاء أربعة في المئة مع اقبال المستثمرين على شرائه ملاذاً آمناً لأموالهم. وسجل المعدن الأصفر سعره الأعلى له عند 920 دولاراً الأونصة.