الدور الإيراني والعلاقة الإيرانية ـ السّورية

إهانة خاتمي

ساطع نور الدين
في بيروت سمع المسؤولون اللبنانيون من السيناتور الاميركي القريب من الرئيس باراك اوباما كلاماً مفاده ان احد اهم معايير الحكم على تغيير سلوك ايران واستعدادها للحوار الجدي مع اميركا، هو انتخاب الرئيس الايراني السابق محمد خاتمي مجدداً في حزيران المقبل. وفي عواصم عربية وأجنبية أخرى، كلام مشابه يرى أن مجرد ترشح خاتمي للرئاسة هو مؤشر على أن طهران راغبة فعلاً في الانفتاح.
هذا الموقف الاميركي الذي ينسحب أيضاً على الكثير من حلفاء واشنطن ينم عن سذاجة غربية ليس لها مثيل، تعكس جهلاً فاضحاً في أحوال إيران الداخلية، وتسيء إلى فرص المرشح الإصلاحي الذي قرر بعد طول تردد خوض انتخابات 12 حزيران الرئاسية، وهي فرص كانت ضعيفة، لكنها يمكن أن تصبح معدومة اذا اصر الاميركيون، والغربيون عموماً، على اعتبار خاتمي رجلهم المفضل في طهران.. التي يمكنها العثور على كثيرين من أمثاله بل على من هم أفضل منه لمحاورة أميركا والغرب.
من يعرف ألف باء السياسة الداخلية الايرانية، يدرك ان ترشح خاتمي كان خطوة الى الوراء بالنسبة إلى الحركة الاصلاحية الناشطة في ايران، التي يمكن ان تشكل الغالبية الشعبية، لكنها كانت ولا تزال تفتقر إلى القدرة على تغيير وجهة النظام وتركيبة مؤسساته الدينية والأمنية القوية، وتحمّل خاتمي بالذات المسؤولية الشخصية عن التردد والجبن في مواجهة المحافظين الذين منعوه من التغيير حتى في مؤسسة القضاء.. كما تحمل الغرب تحديداً المسؤولية العامة عن فشل تلك التجربة التي كانت تمد يدها لفتح حوار الحضارات، فإذا هي تتلقى من الرئيس الأميركي السابق جورج بوش قراراً أحمق قضى بوضع إيران في محور الشر!
وقد ساهم ذلك القرار ليس فقط في وصول محمود احمدي نجاد إلى الرئاسة الإيرانية، بل أيضاً في ترسيخ هيمنة المحافظين على النظام الإيراني، بعدما كان الجمهور الإصلاحي العريض يصفهم علناً بأنهم طالبان إيران ويدعو الى التخلص منهم مثلما جرى التخلص من الحركة الأفغانية المتخلفة.. وبعدما كاد ذلك الجمهور يستعد للإطاحة بالكثير من رموز الثورة الإسلامية، لا سيما منها عصبها الجوهري، اي ولاية الفقيه، التي وضعت أكثر من مرة على محك النقاش الجدي.
في احتفالات الذكرى الثلاثين للثورة قبل أسبوعين، كاد الرئيس خاتمي يتعرّض للضرب من قبل المتظاهرين المحافظين الذين وصفوه بالمنافق، ولم ينقذه الإصلاحيون الذين ظلوا يصفونه بالمتردد، وكانوا يتوقعون منه ان يساهم في إعادة تنظيم ذلك التيار الواسع وبلورة خطابه وتقديم مرشح جدي من ثلاثة أسماء قادرة فعلاً على هزيمة نجاد إذا توافرت الظروف لخوض معركة رئاسية نزيهة. لكنه أصرّ على ارتكاب الخطأ الذي لا يغتفر، ولا يؤدي إلا إلى شرذمة صفوف الإصلاحيين وتبديد فرصهم في العودة الى الرئاسة.
من الآن، وحتى موعد الانتخابات سيتعرض خاتمي لما هو أكثر من المهانة على أيدي المحافظين والإصلاحيين معاً، قبل ان يتحقق الناخبون الايرانيون مما اذا كانت اميركا تغيرت فعلاً.. وآن الآوان للتخلص من نجاد والإتيان برئيس جديد يقع في الوسط!
السفير

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى