إيران ومغامرتها النووية
خيارات قليلة بِيَد الغرب، لكن توحيد الجهود الديبلوماسية وسيلة لِكبح نظام مهدِّد
يوافق هذا العام الذكرى الثلاثين للثورة الإيرانية، حيث أدّى استيلاء القيادة الإسلامية السياسية على السلطة في بلد مركزي إلى تقويض موقف الرئيس الأميركي وقتذاك جيمي كارتر. بالنسبة للرئيس أوباما، قد يتبيّن أن نظام إيران الثوري هو أكثر خطورة من ذلك. إن تواطؤ هذا النظام في الأعمال الإرهابية ولهجته التهديدية ضدّ إسرائيل لطالما شكّلت خاصيّة ثابتة من خصائص ديبلوماسيته. وفي السنوات القليلة المقبلة، قد يعزّز هذه الميزات المدمّرة انتاج قنبلة نووية إيرانية من شأنها أن تمنح نظاماً إسلامياً نفوذاً ديبلوماسياً هائلاً في منطقة متقلّبة الأوضاع.
لو كانت إيران مهتمّة فقط بتطوير برنامج مدني لإنتاج الطاقة النووية، لما كان هناك من مشكلة. لكن ما من حكومة أو وكالة مستقلة محترمة غربية تعتقد أو تفترض أن برنامج إيران النووي معدّ لمجرّد توليد الكهرباء. فإيران تصرّ على امتلاك تكنولوجيا توليد الوقود النووي بشكل كامل، وهو موقف استفزازي لأن تحقيق ذلك ليس ضرورياً لبرنامج مدني في حين أنه شرط أساسي لتطوير الأسلحة النووية.
عملت إيران على إخفاء أنشطتها النووية في الماضي، إذ أنشأت مصنعاً لإنتاج الماء الثقيلة في مجمع آراك ومحطة لتخصيب الأورانيوم في ناتانز بالسرّ ولم يتم الإعلان عنهما إلا بعدما فضحت أمرهما جماعة من المعارضة الإيرانية. ومن الخطأ التأكيد على أن المجتمع الدولي غير منصف بحقّ إيران. في الواقع، تلقّت هذه الإخيرة معاملة عادلة الى حدّ بعيد. حتى أن إدارة بوش قد قبلت باقتراح روسي بأن تمتلك إيران تكنولوجيا توليد الوقود النووي بشكل كامل لكن بشرط أن يتم التخصيب في بلد آخر. وتمثل ردّ إيران بالعرقلة المستمرة والتكتّم.
لا يوجد سبيل واضح يمكن للأطراف الخارجية أن تحبط من خلاله تطوير القنبلة الإيرانية. ومن المؤكد أنه تم التشاور في الولايات المتحدة بشأن توجيه ضربة عسكرية على المنشآت النووية لإيران، مما يذكّر بالغارة التي شنّتها إسرائيل على محطة أوزيراك النووية في العراق. لكن الصعوبات اللّوجستية لضربة كهذه كبيرة جداً واحتمالات نجاحها ضئيلة. فضلاً عن ذلك، ليست إيران دولة ديكتاتورية رغم أن نظامها طيوقراطي متشدّد. فلديها مجتمع مدني وتتمتّع بدرجة انفتاح كان النظام البعثي العراقي يجهلها. وبالتالي، على الغرب ألاّ يفقد إمكانية الضغط على إيران من خلال مناشدة جيل صاعد مفعم بحماس عفوي اتجاه الغرب.
هناك فرصة لوقف تجارب إيران النووية من خلال الترابط بين الإدارة الأميركية الجديدة والعوائق الفنية. والدليل على ذلك هو قيام إيران بتعليق أنشطتها النووية عندما تواجه ضغوطات ديبلوماسية متّفق عليها. وخلافاً لكوريا الشمالية، فهي ترغب في الإبقاء على انضمامها إلى معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية. وفي وجه جبهة متّحدة مؤلّفة من الولايات المتحدة والدول الأوروبية الثلاث (بريطانيا وفرنسا وألمانيا)، علّقت إيران برنامج تخصيب الأورانيوم في تشرين الأول من العام 2003 ووافقت، بعد سنة، على موراتوريوم شامل أكثر. ويبدو الآن أن مخزونها من اليورانيوم بدأ ينفد.
من الضروري أن تضغط الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على منتجي الأورانيوم لئلا يجددوا مخزونهم. والطريقة المحتملة للحث على تجديد الدفع نحو إنتاج قنبلة إيرانية هي أن يتقبّل المجتمع الدولي أوهام إيران النووية بمعناها الظاهري وأن يدّعي بعدم وجود أي مشكلة.
تجدر الإشارة إلى أنه لدى إيران التزامات بصفتها طرف موقع في معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، وبالتالي عليها التمسك بها وإلا ستكون العزلة من نصيبها.
The Times الاثنين 26 كانون الثاني 2009