واقع الصحافة الكردية في كردستان العراق وسوريا
لافا خالد
لا أعرف بلدا ً إلا حينما أقرأ صحافته , إن طبقنا هذا المثل على الواقع الكردي ربما سنخرج بصورة ضبابية عن حقيقية المشهد الإعلامي الكردي ( في سوريا والعراق نموذجا) لأننا لازلنا في مرحلة إن ثمة كثيرون يحتكرون صوتنا وينطقون باسم القضية وحتى في المشهد الإعلامي العربي والعالمي لم نرى خبراً المصدر هو الجهة الإعلامية الكردية كذا أو كذا ؟ وبالتالي سنطرح السؤال كيف هو الواقع الإعلامي الكردي ؟
ما أسباب تأخره في سوريا ؟ لما نحمل الآخرين كل العبء ونحن شريك فاعل في هذا الكيان الهلامي الذي لم يكن ليومنا هذا لسان حال هذا المواطن الذي فقد كل وسائل الدفاع عن نفسه ؟ ماذا عن صحافة كرد العراق هل هي بحجم القضية هناك ولما الانتقادات الكثيرة بالرغم من الظروف المهيأة لها له وأين يكمن الخلل في بنيته ؟ أيها أكثر تأثيرا إعلام الأحزاب أم المستقلون ؟ وهل الصحافة المستقلة موجودة أصلا عندنا وعندهم , ماذا عن غياب القوانين التي تجرم الصحفي في قضايا النشر ؟ أي مناخ يعيش فيه الصحفيون ويعملون لأجل القضية ؟ثمة أسئلة كثيرة ومقارنات نطرحها في التقرير التالي حول حقيقية المشهد الإعلامي الكردي في سوريا والعراق معاً :
بداية مرحلة..
تعود البدايات في سوريا إلى المنشورات التي أصدرها أو تنظيم كردي في سوريا 1957 لم يطرأ تغيير ملحوظ على تلك الوسيلة بحكم ظروف كثيرة وسرية العمل الكردي والمحظور أصلا ولم يلتفت المسؤولون لا وقتها ولا في لحظتنا هذه إلى هذا السلاح الفعال المسمى الإعلام وتراكمت الأعباء بخصوص القضية وخرجت الصحافة بعدها عن الأجندة ولم يلتفت لها مسؤولو القرار الكردي إلا في السنوات القليلة الفائتة حينما انتشر الإعلام الإلكتروني وبات المنبر الإعلامي الكردي في سوريا مع منشورات الأحزاب والفضل الأقوى لهذا التغيير يعود للجهود المستقلة من الأقلام الصحفية أو التي تعمل استكتابا في المهنة
ماذا عن كرد العراق
بدأت الصحافة الكردية في كردستان العراق مرحلتها الجديدة بعد الانتفاضة عام واحد وتسعين بإصدار منشورات وجرائد ومجلات بين اليومية منها والأسبوعية والشهرية والفصلية والسنوية، وأعقبت ذلك إذاعات في المدن والقصبات والمجمعات في كردستان العراق، وتنافست هذه الإذاعات فيما بينها في بثها ونشر فكرتها وتوجهاتها للجماهير الكردية، ثم وصلت المرحلة لتاسيس محطات التلفزة التي هي رافقت تلك البداية..
إذن في الوقت الذي كان كرد العراق وسوريا متعطشين للكتابة والقراءة الكردية وتجاوز مرحلة ما كان يعتبرون فيها أنفسهم أسيري الثقافة العربية والتركية والفارسية للعمل على ثقافتهم الخاصة وجد كرد العراق دونا عن كرد سوريا وجدوا أنفسهم أمام حرية اندفعوا نحوها، مشكلة الإمكانيات المادية والفنية وتواضع الطاقات الصحفية لم توقفهم من إحداث ثورة صحفية في كردستان العراق بينما بقينا في سوريا ننتظر وننتظر ..
صحافة حزبية..
الأحزاب الكردستانية خاصة الرئيسيين ( الديمقراطي الكردستاني، والاتحاد الوطني الكردستاني ) كانت تقف وراء هذه الصحافة وتستحوذ عليها، وتسخرها لبرامجها واستراتيجيها الحزبية، فبدأت هذه الصحافة تتمحور في محاور حزبية وتكون هي أسيرة لسيطرة الأحزاب وبالتالي ناطقا باسمها ونفس المنهج متبع في الصحافة الحزبية لكرد سوريا مع مفارقة إنها صحافة ورقية أو منشورات أحزاب إن صحت التسمية وليست صحافة مكتوبة بالمعني الحرفي ، عملياً المتلقي وجد نفسه أسيرا لصحافة أحزاب ومنشوراتها وبدأ المشاهد والقارئ والمستمع الكردي ينفر منها بالتدريج بعد التطور الكبير في مجالات التكنولوجية التي استفاد منها الكرد بالإضافة إلى انتقال نفس المشاهد إلى منابر غير كردية ليحصل على الخبر أو المعلومة التي يشاء بعد أن شبع بالخطاب الخزبي، ومل من الحياة الحزبية المسيطرة على كل شيء، وبدا لكل وسيلة إعلام مشاهدين وقارئين وسامعين من الحزب نفسه.. خاصة بعد غزو الفضائيات العربية والأجنبية وسهولة الحصول على جهاز ستالايت حيث بدأ النفور من وسئل الإعلام الكردية باتجاه الإعلام الآخر، العربي والأجنبي ثانية، وذلك بسبب قوة الإعلام الآخر ماديا وموضوعيا وأكاديميا مقارنة بالإعلام الكردي، وأصبحت هي القدوة للإعلام الكردي الذي بدا يقلد هذا الإعلام القوي وأصبحت الفضائيات العربية المصدر الرئيسي للخبر للإعلام الكردي، وهذا ما سبب المشاهد والمستمع والقاري يتلهف بالمصدر الرئيسي وهو الإعلام غير الكردي، بدلا عن الناقل له وهو الإعلام الكردي
صحافة الكم قبل النوع..
الإعلام الكردي قبل بدأ عصر فضائياته في كردستان العراق كان منحصرا في الأحزاب الكردستانية ، حيث كان كل حزب كردي ومن أهمها ( الديمقراطي الكردستاني، الاتحاد الوطني الكردستاني، الاتحاد الإسلامي الكردستاني، الحركة الإسلامية في كردستان العراق، والحزب الشيوعي ) لكل واحد منها قناة تلفزيونية في كل مدينة ومثل ذلك محطة إذاعة وجريدة ومجلة، إضافة إلى أحزاب ومؤسسات أخرى كانت تمتلك مؤسسات الإعلامية في مجالاتها الأربع أو في بعضها.. إضافة إلى أن لكل هذه الأحزاب ما يسمى بمؤسسات المجتمع المدني من منظمات طلابية أو نسويه وغيرها لها صحافتها المقروءة وبعضها لها محطات إذاعة أيضا.. هكذا يمكن وصف المرحلة بأنها كانت ثورة في عالم الصحافة الكردية في العراق من حيث التوسع الأفقي لا التوسع العمودي، أي من حيث الكم لا النوع!! ونفس المشهد منطبق على الإعلام الكردي فقط الإلكتروني بسبب غياب الوسائل الأخرى فتتعدد المنابر وتتشابه الصفحات وربما يغيب عن مشهدنا الغعلامي في سورية موقع غخباريا يوميا أو على مدار الأسبوع بالرغم من تعدد المواقع وفاق التصور المعقول وفوق كل ذلك لم يرتقي إلى حيث التقنيات المتوفرة ولم يستفد منها وارتكز العمود الفقري على الكم دونا ً عن النوع والسؤال الأهم بعدا هذا الخلل في هذه المنظومة هل الواقع الكردي يبحث عن صوته من خلال الكم أم النوع ؟
الإعلام الفضائي
سباق حزبي نحو الفضاء في كردستان العراق والمشهد مغيب تماما بالنسبة لكرد سوريا
المنافسة بين الأحزاب الكردية في مجال الإعلام دفعتها للوصول إلى عالم الفضاء أيضا ولكن لم تثمر المنافسة بين الأحزاب الكردية في سوريا شيئا , هو إعلام غائب إلى اجل غير مسمى على ما يبدوا وبالتالي يصاغ وجهة نظرنا بما لا يتوافق وواقعنا المعاش عبر مختلف الفضائيات الكردية منها والعربية وإذاعياً لا صوت لكرد سوريا أبدا بمعنى إعلامنا المرئي والمسموع حقيقة غائبة ومغيبة معا .
أما عن كرد العراق فكان للحزب الديمقراطي الكردستاني قناتها الفضائية ( كوردستان تي في )، وأعقبها الاتحاد الوطني الكردستاني بقناتها الفضائية ( كوردسات ) علما إن حزب العمال الكردستاني كان قد سبق الحزبين في الإعلام الفضائي الذي مونع من البث بسبب الضغوط التركية على الدول التي تبث منها، وهم تمكنوا من أن يتأقلموا مع ذلك بذكاء في تأسيسي محطة أخرى باسم آخر وهم الآن يملكون عدة فضائيات أهمها ( روز تي في، وميزوبوتاميا ) ويمكن إحصاء الفضائيات الكردية الآن بالشكل التالي:
– روز تي في تبث من أوروبا تابعة لحزب العمال الكردستاني
– فضائية كردستان تبث من اربيل في كردستان العراق، تابعة للحزب الديمقراطي الكردستاني
– فضائية كوردسات تبث من السليمانية تابعة للاتحاد الوطني الكردستاني
– فضائية نوروز ـ تبث من اربيل تابعة لحكومة إقليم كردستان
– فضائية نوروز ـ تبث من اوروبا تابعة لحزب العمال الكردستاني
– فضائية زاكروز ـ تبث من اربيل مدعومة من حزب الديمقراطي الكردستاني
وهناك محاولات لكل من الاتحاد الاسلامي الكردستاني، وكذلك الجماعة الاسلامية في كردستان العراق بتأسيس كل منهما لفضائية خاصة به..
الصحافة الكردية والانترنيت
بعد ثورة الانترنيت في العالم وصلت ثمارها إلى كل مناطق تواجد الكرد ، وفتح الكرد ذراعيهم لهذه الوسيلة التي لعبت دورا قويا في أن تكون وبحق لسان مختلف الناس ( مؤسسات حزبية , عامة الناس ) أوصلوا صوت الكرد إلى جهات وبذلك بدأت مرحلة جديدة من فتح المئات من المواقع الحزبية وغير الحزبية حاولت أن تكون لها موطأ قدم في ركب الإعلام العالمي الجديد، الصحافة الكردية أرادت أن تواكب هذا التطور الهائل في خدمة الصحافة، فتسابقت الصحافة المكتوبة والمسموعة وحتى المرئية الكردية للدخول إلى الانترنيت وبالتالي الوصول إلى شريحة اكبر وأوسع من نطاق تغطياتها السابقة والمنحصرة في مدن وقصبات لا تتعدى دائرة نصف قطرها بضع عشرات من الكيلومترات.. لكن ذلك كان يحتاج مع ذلك التطور في الآليات إلى تطور في المضمون والرسالة التي بقت تتراوح في التقليديات ولم تستطع الصحافة الكردية ان تكسر التقليديات إلى حالة إبداع في المضمون والرسالة والمادة التي تريد نشرها وبثها إلى اوسع شريحة ممكنة..
وأما كرد سوريا كانوا ولا زالوا من أشد المتمسكين بتقنية الإنترنت لأنها المنبر شبه الوحيد المتاح لهم لإيصال الصوت الكردي إلى حيث يشاءون وإذا ما وقفنا على ما يعانيه الإعلام الإلكتروني في سوريا فثمة مشاكل نوعية متنوعة تقف بالمرصاد ولا زالت منابر كثيرة تفتقر لمقاييس لغة الخبر الاحترافي والأكاديمية التي يفترض أن تصاغ بها المادة المعروضة للنشر ؟ ولكن التكنولوجية غزت كل مكان ويتعاطاه الكل بنفس المقدار, الأحداث تتسارع والإنترنت لا ينتظر الصباح ولابد لنا من الأخذ بعين الاعتبار ثقافة السرعة , وترانا نتساءل هل قام اعلامنا الإلكتروني أيضاً بمهمته هذه؟ أو يقوم
و إعلامنا الالكتروني كان ولا يزال اكبر التحديات لنا لنثبت أنفسنا رقما في عالم تتشابك فيه القيم المعرفية والثقافية وتتواصل بنهايات واحدة هي خدمة المعرفة واثبات الذات في عالم الأسلاك لنمضي متسائلين فيما يتعلق بالإعلام الإلكتروني ونحن على عتبات تفجر معلوماتي ضخم وتكنولوجيا متقدمة جدا , كيف يمكننا نشر الوعي الكردي بمخزونه الثقيل ومعاناته الكبيرة وتعريفه بأبرز القضايا التي تجري عنه ومن حوله بموضوعية ,أو هل نجحنا في نشره وتداول هذه التقنية لازال محصورا بأيدي القلة ولا يغفل عنا السبب في كل ذلك
الصحافة المستقلة، وحالة النقد..
الصحافة في كردستان العراق في عقد كامل من مرحلتها الجديدة بعد الانتفاضة عام 1991 لم تستطع أن تأخذ دورها في النقد والإصلاح، ولم تستطيع أن تفرض نفسها كسلطة رابعة في الإقليم كما تسمى بها الصحافة في العالم، وبالتدريج أصبحت الصحافة أسيرة الأحزاب وبوقا لها، إلا أن أصوات من الصحافة بعد عقد من المرحلة الجديدة حاولت كسر الطوق الحزبي، واستطاعت بعض هذه المحاولات أن تنجح خاصة في مدينة السليمانية ثم في اربيل، واستطاعت هذه الأصوات المنتقدة أن تنمو تدريجيا لتصبح في فترة قصيرة ظاهرة نافست بقوة ظاهرة الصحافة الحزبية في كردستان العراق، ووصلت إلى درجة شعرت السلطات في كردستان العراق والقيادات الكردية حرجا أمام هذه الصحافة وبذلك مارست ضغوطا على هذه الصحافة وصحفيوها فأغلقت بعض من هذه الصحافة لفترات واعتقلت بعض من الصحفيين في مناسبات مختلفة، ووصل الأمر من قبل السلطة إلى المطالبة من البرلمان بصياغة قانون لوضع آلية للعمل الصحفي في كردستان العراق، وفعلا صيغ قانون معين وأرسل إلى رئاسة الإقليم للمصادقة عليه، وشعر الصحفيون أن بنودا من القانون صيغت للحد من حرية الصحافة والضغط عليهم مما حدثت احتجاجات كثير في السليمانية واربيل تطالب رئاسة الإقليم بعدم المصادقة على القانون، وفعلا قامت الرئاسة بإعادة القانون إلى البرلمان وطالبت بإعادة صياغتها للحد من رفض الصحفيين للقانون..
وعن حالة النقد في سوريا فثمة حالة مرور سريعة على كل ما يكتب في إعلامنا , وحتى في الوسط الكردي نفسه ثمة رفض مطلق لأي حلة انتقاد سواء في المشهد السياسي أو الإعلامي ووصلتني رسائل كثيرة من صحفيون اضطروا في بعض الأوقات لسحب ما كتبوه بعد التهديد والوعيد والإهانات على خلفية نقده لفكرة ما أو ظاهرة أو حدث
الصحافة المستقلة، بديلة القوة الثالثة
الصحافة المستقلة والصحفيون الكرد المستقلون في العراق وسوريا معا أصبحوا الآن من ابرز المظاهر الايجابية في الحالة الثقافية الكردية وكثيرون منهم أصبح لهم صوتا في الفضائيات العربية ، وهذه الصحافة خاصة في كردستان العراق استطاعت أن تجد لها الدور الذي لم تستطع الأحزاب التي تعتبر نفسها القوة الثالثة بعد ( الحزبين الكرديين الرئيسيين وفي سوريا ( الأحزاب الكردية بعمومها ) أو المعارضة للسلطات أو التي تدعي أنها قوة إصلاح وبرنامجها برنامج إصلاح في المجتمع، ان تجد لها ذلك الدور وبدا تأثيرهم أقوى في كردستان العراق دونا عن المثقفين أو الصحفيين الكرد السوريين بسبب اختلاف الظروف وهامش الحريات واسبالب كثيرة واستطاعت في نظر الكثير من المراقبين بديلة عن هذه القوة الغائبة في الحالة السياسية الكردية عموما
ومن المهم الإشارة إلى بعض من هذه الصحافة المستقلة، والتي أصبحت بعض الصحافة الحزبية او الممولة من قبل الأحزاب والقوى الكردية تقلدها كي لا تفقد جمهورها، أو تحاول منافسة المستقلة على الجمهور، يمكن الإشارة الى بعض صحف كردستان العراق :
– صحيفة هاولاتي ( المواطن ) ـ أسبوعية تصدر في السليمانية
– صحيفة آوينة ( المرآة ) ـ اسبوعية تصدر في السليمانية
الصحيفتين أعلاه الآن من أشهر الصحافة الكردية المستقلة والأكثر مبيعا في كردستان العراق والأكثر انتقادا للسلطات والقيادات الكردية والاجرأ في كشف الأسرار التي تثير فضول القارئ، ورغم ملاحظات السلطات عليها والأخطاء التي قد تقع فيها أحيانا في نقل بعض المعلومات ورغم فقد الحيادية في نظر البعض إلا أن الخطوة في مجملها تعتبر في المسار الصحيح وفي صالح الصحافة الكردية.. وفي هذا السياق يجب أن لا ننسى الإشارة إلى صحافة أخرى جريئة وناقدة وهي:
– جريدة ميديا ، اسبوعية تصدر من اربيل..
– جريدة هوال ، اسبوعية تصدر من كركوك..
– جريدة جه ماوه ر ( الجماهير ) اسبوعية تصدر من اربيل
– جريدة ( بارزان ) اسبوعية تصدر من قضاء سوران في اربيل
– مجلة لفين، شهرية تصدر من السليمانية..
أما المواطن الكردي السوري فلم يعرف إلى يومنا هذا صدور صحيفة كردية يومية ولم يتذوق متعة كيف أن يحتسي فنجان قهوة بجريدة كردية صباحية ولم يعد بإمكانه الانتظار لنهاية شهر أو شهرين حتى يصدر منشور هنا وهناك ليحتسي فنجانه ويحصل على الخبر
ماذا عن الكادر الصحفي ؟
ثمة تهميش متقصد أحيانا وأخرى غير مقصودة للكوادر الأكاديمية على الأقل بالنسبة لكرد سوريا مما دفع بالجسم الصحفي الكردي إلى حالة تسلل وهجوم من كل حدب وصوب إلى الهرم الإعلامي وقاعدته متناسين المسؤولية المهنية والضوابط التي تتطلبها هذه المهنة وإغفالنا لأصول المهنة دفعنا في لحظات كثيرة إلى إنتاج أنواعا إعلامية رديئة بأقلام تجهل قواعد العمل الإعلامي هذه المهنة أصبحت مهنة الدخلاء ومهنة يمتهنها كل من ليس له
صحفيون خارج المشهد
ربما ستختلف الصورة حين المقارنة بين وضع الصحفيين الكرد في العراق وسوريا ربما ستتشابه الصورة هو غياب الحرية التامة المفترض أن يتوفر لكل صحفي وصحفيو العراق يعيشون بعضا من ذاك الهامش على عكس الصحفي الكردي السوري الذي يعاني من مختلف الاتجاهات, ف الكادر الصحفي الكردي السوري لا زال يحتسب خط الرجعة لكل كلمة يتفوه بها أو يكتبها فسيف الرقابة مسلط وبعنف من قبل أطراف كثيرة وهذه الظروف كلها فرضت أن نبقى في دائرة راوح مكانك فلا الحكومة تسمح للصحفي الكردي بالتحرك لاعتبارات معروفة سلفاً ولا الأطراف الكردية الكثيرة أو حتى من يعتبر نفسه مستقلاً أو له بعض الإمكانيات في الخارج تتبنى جهودهم وتسعى إلى تطويرهم ومعظم كوادرنا الصحفية لا يملكون أدنى مردود مادي يساعدهم في إجراء ولو بحث بسيط عن أي موضوع يجول في خاطرهم ومحسوب عليه الجهة التي يكتب لها أو سيكتب لها وحينما يخالف الرأي السائد يعترضه الهجوم هنا وهنا قد تصل للاعتقال أو الضغوطات أو الاستجواب أيضا .
بعض من المحاسن والمآخذ على واقع صحافتنا :
, ويتطلب ذلك مراجعة أخطاء الماضي والوقوف بعين ثاقبة في إعادة وتقويم أوضاع الصحافة الكردية التي ظلمت كثيرا واستبعدت من كل الاعتبارات ويكتفي باستذكارها في عيدها السنوي , ودعم الإعلاميين الاكادميين الذين تفوق أعدادهم بالمئات ويستندون إلى أصول العمل الإعلامي المهني المحترف , وتسهيل تبادل المعلومة والخبرات الإعلامية حينما يتوافر لها المناخ الذي نسعى إليه بجد , توحيد الجهود للمثقفين بكل تلونانهم وإبعادهم الفكرية واختلاف أرائهم في مصب واحد سعياً لتجميع ثقافتنا التي تشتت كثيرا , العمل على رصد الانتهاكات والمضايقات التي يتعرض لها الصحفي أينما كان
كأي عمل، الصحافة الكردية في عقدها الاخير لها محاسن ومآخذ، نحن بحاجة لإستراتيجية مهنية قبل أي اعتبار تكون منطلقها وغايتها تقديم مادة إعلامية ذو بعد معرفي ملتزم للجمهور المتلقي أينما كانوا وباختلاف مشاربهم , ربما أردنا أن نقف على عيوب صحافتنا ولكن الغاية هو أن نسعى معاً لإخراجها من النفق الضيق الذي تمر به , لعل إحدى أهم محاسن الصحافة الكردية هو الدعم الهائل الذي أحدثته الصحافة في صالح اللغة الكردية والثقافة الكردية وكذلك إحداث الوعي السياسي القومي الكردي، وتربية الجيل الجديد بالتاريخ السياسي الكردي حيث كان هذا الوعي غائبا بسبب الظروف التي كانت تمر على الساحة الكردية في العراق قبل انتفاضة آذار عام ألف وتسعمائة وواحد وتسعين، ولابد من الإشارة إلى أن كل هذه المحاسن كانت وراءها الصحافة الحزبية التي اشرنا إليها، وهي كانت تدير دفة هذا الدعم الذي كان لابد منه للثقافة والأدب والوعي السياسي الكردي، وجعلت من الجيل الحالي جيلا واعيا قوميا وعارفا بمأساة شعبه وقضيته ومطالباته العادلة في كل مناطق تواجد الكرد الذين يجهلون أو يتجاهلون حيثيات القضية الكردية، ولا يعرف المطالب الكردية بحقائقها التاريخية والجغرافية، وبذلك استطاعت هذه الصحافة أن تخرج الجيل الكردي الجديد من آثار الهجمة الشرسة والتشويه المتعمد لمعالم القضية الكردية خاصة من قبل الإعلام العربي، وتصوير القضية الكردية على أساس انها صنيعة المحتل وحليفة العدو الإسرائيلي والإيراني وما شاكل ذلك من تهم من قبل الإعلام العربي.. تحسب لهذه الصحافة أنها جعلت المواطن الكردي محصنا للتأثير سلبا بالصحافة المعادية للقضية الكردية..
لكن في المقابل هناك مآخذ على هذه الصحافة حيث أن الصحافة نفسها لم تستطع أن تكون الآلية الملائمة لنقل حقيقة القضية الكردية العادلة، وحيثيات هذه القضية تاريخيا وجغرافيا إلى العالم غير الكردي وبالتحديد العالم العربي، لم تستطع هذه الصحافة أن ترسل رسالتها الى العالم العربي وإقناع الشارع العربي مثلما تمكنت من إقناع الشارع الكردي بعدالة القضية الكردية.. ولم تستطع ان تخاطب بشكل جيد الشارع العربي بلغة الشارع العربي نفسه لا باللغة الكردية، أو بالأحرى لم تستطع إبلاغ الشارع العربي بالخطاب الكردي باللغة العربية!! تكلم بالعربية لكن بفكرة كردية لا يقتنع بها المشاهد أو المستمع أو القارئ العربي.. باختصار لم يستطع الإعلام الكردي منافسة الإعلام العربي في التحدث للشارع العربي بشأن القضية الكردية، ويجب أن يكون الكردي هو الذي يتحدث للعربي عن مشكلته ولا يدع المجال للعربي الذي لم يتفهم القضية الكردية بعد أن يتحدث عن المشكلة الكردية وهذا الدور لا يجب أن يكون مقتصرا في ذكرى يوم الصحافة الكردية فحسب نحن بحاجة على الدوام لتغيير مناهجنا وآلياتنا فيما يخص صحافتنا ، إعلامنا متأخر وعلى الجميع الاعتراف بهذه الحقيقية وفي سوريا أما يكفي نكتب ونكتب وفقط نكتب وكلنا يتحمل تبعات هذا الوضع المتردي بل كلنا شركاء فيها في وقت باتت الصورة والخبر الاحترافي الشريك الفاعل في كل ما يحدث
في نفس الوقت الإعلام الكردي لا زال في حالة تقصير في القيام بواجبه مع الإشارة إلى وجود صحفيون أكراد تمكنوا من أن يخترقوا الإعلام العربي ليخاطبوا العالم العربي بلسان العرب وفي إعلام العرب لكن بالحس الكردي، وتمكنوا بذلك من خدمة القضية الكردية..
وفي الختام ارى من ايجابيات الصحافة الكردية أنها استطاعت جمع الصحفيين الكرد في جميع أنحاء العالم تحت عنوان واحد ومؤسسة واحدة وهي نقابة صحفي كردستان واستطاعت نقابة الصحفيين أن تحشر نفسها في نقابة الصحافة الدولية وتكون عضوه فيها وبالتالي تخدم الصحفي والصحافة الكردية أيما خدمة ، وهي أول مؤسسة مجتمع مدني تمكنت من توحيد الصحفيين الكرد في العراق قبل المؤسسات الأخرى وحتى قبل المسئولين عندما توحد صحفيو السليمانية مع صحفيي اربيل ودهوك تحت هذه اللافتة وثمة مشاريع صحفية أخرى باتت تضم معظم الصحفيين الكرد على المستوى الإلكتروني مثل الإتحاد الكردستاني للإعلام الإلكتروني ومنظمات صحفية أخرى تهتم بشؤون الصحفي الكردي في مختلف أماكن تواجدهم .
( تهنئة من القلب لكل من يعمل في مهنة الصحافة وبضمير تمليه عليه أخلاق صاحبة الجلالة , ومباركة خاصة للصحفيين الكرد في أي مكان كانوا بمناسبة مرور عشرة أعوام بعد المائة على تاريخ الصحافة الكردية..
لافا خالد /أحمد الزاويت
خاص – صفحات سورية –
هادا شاعر متألق وزكي في اشعاره ومقالاته وانا من الناس التي تشجعه على مواصلة طريقه الى الحق وشكرا وامنى ان يتقبل تعليقي